وقوله عن معمر عن قتادة في تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137] قال: هي مشارق الشام ومغاربه، وفيه عن قتادة أيضًا في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} [يونس: 93]، الصدق يعبر به عن الحسن استعارة، ويجوز في قوله تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 54] أي في مقعد حسن وقد يكون المبوأ حسنا لما فيه من البركات الدينية والخيرات، وذلك موجود وافر بالشام، وبيت المقدس أو يكون حسن لبركاته العاجلة بسعة الرزق والثمار والأشجار، قال صاحب مثير الغرام إن معنى قوله تعالى: مشارق الأرض ومغاربها تأويله جهات شرقها أرض الشام وجهات غربها أرض مصر واختلف المفسرون في الأرض المقدسة، فقال مجاهد الطور وما حوله، وقال الضحاك إليا وبيت المقدس، وقال ابن عباس، وعكرمة، والسدي أريحا، وقال الكلبي: دمشق، وفلسطين، وبعض الأردن، وقال قتادة: الشام كلها، ومجموع هذه الأقوال لا يخرج الأرض المقدسة عن الشام.
أما تسميتها بالشام قال: اللغويون: اسم بلاد تذكر وتؤنث يقال شام وشأم وسميت شأما لأنها عن شمال الكعبة، كما سمي كل ما عن يمين الكعبة من بلاد الغور يمنًا، وقيل سميت بذلك لأن أصحاب نوح عليه السلام لما خرجوا من السفينة فمنهم من أخذ نحو يمين الكعبة ومنهم من أخذ نحو يسارها فسمي الموضع باسم الجهة المأخوذ منها، فقيل يمن وشأم، وقيل: سمي بذلك لجبال هناك بيض وسود كأنها شامات، وقيل سميت باسم سام بن نوح: لأنه أول من نزل بها فتطيرت العرب من سكناها وكرهت أن تقول سام لأنه اسم الموت، فقالت شام، وقيل: لكثرة قراها
وتداني بعضها من بعض فسميت بالشامات، وقيل لأن قومًا من بني كنعان بن حام خرجوا عند تفرقهم فتشاموا إليها، أي أخذوا ذات الشمال فسميت بذلك شامًا، وأما حدودها من الغرب البحر المالح