سارة وذلك أنه لما ماتت خرج الخليل عليه السلام يطلب موضعا يقبرها فيه ورجا أن يجد بقرب مري موضعا فمضى إلى عضرون، وكان مالك الموضع وكان مسكنه بحري، فقال له إبراهيم عليه السلام بعني موضعا أقبر فيه من مات من أهلي فقال له عضرون الملك قد أبحت لك ذلك حيث شئت من أرضي، قال: إني لا أحب إلا بالثمن، فقال له: أيها الشيخ الصالح ادفن حيث شئت فأبى عليه وطلب منه المغارة فقال له: أبيعكها بأربعمائة درهم كل درهم وزن خمسة دراهم وكل مائة ضرب ملك وأراد بذلك التشديد عليه كيلا يجد فرجع إلى قومه وخرج من عنده فإذا جبريل عليه السلام فقال له: إن اللَّه تعالى قد سمع مقالة الجبار لك وهذه الدراهم ادفعها إليه فأخذها إبراهيم عليه السلام ودفعها إلى الجبار فقال له: من أين لك هذه الدراهم؟ فقال من عند إلهي وخالقى ورازقى فأخذها منه، وحمل إبراهيم سارة ودفنها في المغارة فكانت أول من دفن فيها، ثم توفي الخليل -صلى اللَّه عليه وسلم- فدفن بحذائها ثم توفيت ريقة زوجة إسحاق فدفنت فيها، ثم توفي إسحاق عليه السلام فدفن بحذاء زوجته، ثم توفي يعقوب عليه السلام فدفن عند باب المغارة، ثم توفيت زوجته ليفا فدفنت بحذائه، فاجتمع أولاد يعقوب، والعيص وأخوته، وقالوا: ندع باب المغارة مفتوحًا وكل من مات منا دفناه فتشاجروا، فرفع أحد إخوته العيص وقيل أحد أولاد يعقوب، يده ولطم العيص لطمة فسقط رأسه في المغارة فحملوا جثته ودفن بغير رأس، وبقي الرأس في المغارة، وحوطوا عليها حائط وعملوا عليها علامة القبور في كل موضع وكنبوا عليها هذا قبر إبراهيم، هذا قبر سارة، هذا قبر إسحاق، هذا قبر ريقا، هذا قبر يعقوب، هذا قبر زوجته، وخرجوا عنه وأطبقوا بابه فكل من جاء إليه يطوف به ولا يصل إليه أحد حتى جاء الروم بعد ذلك
ففتحوا له بابًا ودخلوا إليه، وبنوا فيه كنيسة ثم إن اللَّه تعالى أظهر الإِسلام بعد ذلك وملك المسلمون الديار وهدموا الكنيسة وفي رواية عن عبد المنعم عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: أصبت على قبر إبراهيم عليه السلام مكتوبًا خلفه.