نعم صدقتم جئتكم وكنت شابا فردوا علي شبابي وخذوا ما شئتم من مالي فخصمهم ورحل، فلما كان وقت ورود الغنم الماء جاءوا يستقون، فإذا الآبار قد جفت، فقال بعضهم لبعض ألحقوا الشيخ الصالح، واسألوه الرجوع إلى موضعه فإنه إن لم يرجع هلكنا، وهلكت مواشينا، فلحقوه فوجدوه بالموضع الذي يعرف بالمغار، فقالوا: غار الماء فلذلك سمي المغار وسألوه أن يرجع فقال إني لست براجع ودفع إليهم سبع شياه من غنمه، وقال: أوقوفوا كل شاه على بئر؟ فإنه يرجع الماء وإنما سمي ذلك الوادي وادي السبع لأنه دفع إليهم فيه سبع شياه من غنمه وقال: اذهبوا بها معكم فإنكم إذا أوردتموها البئر ظهر الماء حتى يكون عينا معينًا كم كان؟ واشربوا، ولا تقربها امرأة حائض، فرجعوا بالأعنز فلما وقفت على البئر ظهر الماء وكانوا يشربون منها وهي على تلك الحالة، حتى أتت امرأة حائض واغترفت منها فغارت ماؤها، ورحل إبراهيم عليه السلام ونزل اللجون، وأقام بها ما شاء اللَّه تعالى، ثم أوحى اللَّه إليه أن أنزل ممري فرحل ونزل جبريل وميكائيل عليهما السلام بممري وهما يريدان قوم لوط عليه السلام فخرج إبراهيم عليه السلام ليذبح العجل فانفلت منه، ولم يزل حتى دخل مغارة حبرون فنودي يا إبراهيم سلم على عظام أبيك آدم عليه السلام فوقع ذلك في نفسه ثم ذبح العجل وقربه إليهم وكان من شأنه ما نص عليه اللَّه عز وجل في كتابه العزيز، فمضى معهم إلى قرب ديار قوم لوط فقالوا له: اقعد ههنا فقعد وسمع
صوت الديكة في السماء فقال هذا هو الحق اليقين فأيقن بهلاك القوم، فسمي ذلك الموضع: مسجد اليقين وهو على نحو فرسخ من بلد الخليل عليه السلام ثم رجع إبراهيم وطلب من عضرون المغارة واشتراها منه بأربعمائة درهم كل درهم وزن خمسة دراهم، وكل مائة ضرب ملك، فصارت مقبرة له، ولمن مات من أهله.
وروى الحافظ ابن عساكر بسنده إلى كعب الأحبار أنه قال: أول من مات ودفن [بجوار] (*)