إليها وها أنت ترى نصائب قبورهم الشريفة دالة على أنهم موضوعون إلى الصخرة قلت الظاهر أنهم موضوعون على صفة الاستلقاء كما يوضع المحتضر في أحد الوجهين وقد قيل إن شخصا نزل المغارة ووصل إليهم فوجد سيدنا الخليل عليه السلام مستلقيا على سريره قال: وأما موسى عليه السلام فالروايات عنه مضطربة وحاصل ما وقفت عليه من كلام الناس فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كان يصلي للصخرة ويدل لذلك ما روى في فتح بيت المقدس أن عمر -رضي اللَّه عنه- استشار كعبا أن يضع المسجد فقال اجعله خلف الصخرة فتجتمع القبلتان قبلة موسى وقبلة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ضاهيت اليهودية.
الثاني: أنه كان يستقبل الكعبة وهذا قول أبي العالية في مناظرته لبعض اليهود قال اليهود: كانوا يستقبلون الصخرة وقال أبو العالية: بل كان يصلي إلى المسجد الحرام وبهذا جزم بعض أئمة النقل ممن عاصرنا عنه الكلام على قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، والقولان عندي محتملان لأنه عليه السلام كان يعظم المكانين قطعا أما تعطمه الكعبة فيما ثبت من حجه إليها وأما تعظمه لبيت المقدس فلسؤاله عليه السلام عند الموت إلا دنا منه ولو رمية بحجر.
والثالث: أنه كان يستقبل قبة الزمان وتسمى قبة العهد وهي التي أمر اللَّه تعالى
بعملها من خشب السمار مزينة بالحرير والذهب والفضة، فلما توفي وقام بالأمر بعده فتاه يوشع بن نون واستقرت يده على بيت المقدس نصب القبة المذكورة على الصخرة هو وجميع بني إسرائيل يصلون اليها وجرى عكس ذلك من بعدهم جيل بعد جيل فلما بادت لطول الزمان صلوا إلى مكانها الذي كانت فيه وهو الصخرة، والظاهر أن ذلك كان بوحي من اللَّه تعالى وإلا لم يوافقهم سيدنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فمن ثمَّ كان قبلة الأنبياء الذين سكنوا الأرض