استعمل أبو بكر على الحج سنة 11هـ عمر بن الخطاب ثم اعتمر أبو بكر في رجب سنة 12هـ ثم رجع إلى المدينة، فلما كان وقت الحج سنة 12هـ حج أبو بكر بالناس تلك السنة وأفرد الحج واستخلف على المدينة عثمان بن عفان.
جمع القرآن2
كان أبو بكر الصديق أعلم الصحابة بالقرآن لأن رسول الله قدمه إماما للصلاة بالصحابة مع قوله: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " 3 وقال: " لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره 4".
ولما رأى كثرة من قتل من كبارالصحابة باليمامة أمر بجمع القرآن من أفواه الرجال وجريد النخل والجلود وترك ذلك المكتوب عند حفصة بنت عمر رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جاء في صحيح البخاري5 عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس وإني لأخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن إلا أن يجمعوه وإني لأرى أن يجمع القرآن، قال أبو بكر: فقلت لعمر كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري فرأيت الذي رأى عمر، قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك شاب عاقل ولا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فأجمعه، فوالله لو كلفني نقل جبل ما كان أثقل علي مما كلفني به من جمع القرآن، فقلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة بن ثابت لم أجدهما مع غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إلى آخرها، فكانت الصحف التي فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنها.