سار خالد من أمغيشيا إلى الحيرة وحمل الرجال والرحال والأثقال في السفن فخرج مرزبان الحيرة حاكمها الفارسي ويدعى الأزاذبة وأرسل ابنه فقطع الماء عن السفن وذلك بسد الفرات فبقيت السفن على الأرض فسار خالد في خيل نحو ابن الأزاذبة فلقيه على فم فرات بادقلى فقتله وقتل أصحابه غير أن المدينة كانت محصنة بأربعة حصون فأبت التسليم فحصرهم وقاتلهم المسلمون فاقتحموا الدور والديورة وأكثروا القتل فنادى القسيسون والرهبان يا أهل القصور ما يقتلنا غيركم فنادى أهل القصور المسلمين. قد قبلنا واحدة من ثلاث: إما الإسلام أو الجزية أو المحاربة.
أما الأزاذبة فإنه هرب إذ بلغه موت أردشير.
وهذه أسماء قصور الحيرة التي تحصنوا فيها:
1- القصر الأبيض وفيه إياس بن قبيصه الطائي وكان ضرار بن الأزور محاصرا له.
2- قصر الغريين وفيه عدي بن عدي وكان ضرار ابن الخطاب محاصرا له.
3- قصر ابن مازن وفيه ابن أكال وكان ضرار بن مقرن المزني محاصرا له.
4- قصر ابن بقيله وفيه عمرو بن عبد المسيح بن بقيله، وكان المثنى محاصرا له.
خرج هؤلاء الرؤساء الأربعة من قصورهم فأرسلهم المسلمون إلى خالد فكان أول من طلب الصلح عمرو بن عبد المسيح فصالحوه على 190. 000 وأهدوا إليه الهدايا وبقوا على دينهم. وبعث خالد بالفتح والهدايا إلى أبي بكر مع الهذيل الكاهلي فقبلها أبو بكر من الجزاء وكتب إلى خالد: أن أحسب لهم هديتهم من الجزاء وخذ بقية ما عليهم فقو بها أصحابك.