فكم غادر الأعداء في كل منهل ... معاش وحوش أو خماص الحوائم

وقد قذف الرحمن منه مهابة ... بكل فؤاد من عدو مخاصم

يبيت المعادي منه يحرس نفسه ... ولو لم يكن في قربه من مراوم

له عزمات تتقي الأسد بأسها ... بها الله عنا زال هول العظائم

وذو خلق يتعبد الحر حسنه ... لطافته فاقت لطيف النسائم

إمام حوى مجداً وغر مناقب ... فليس له في فضله من مزاحم

إذا رمت علماً فهو في العلم لجة ... تدفق بالدر النفيس لناظم

وان رمت جوداً فهو كالغيث للورى ... إذا اختلفت أيدي السحاب الرواكم

ورأي سديد يستضاء بنوره ... إذا عم أمر المعضلات الكوالم

وحلم رزين لا يجارى ببعضه ... أليس محاكي الراسيات بواهم

صفوح عن الزلات مع فرط قدرة ... وخذ صدق ما قد قلت عن خير عالم

ألست ترى ما كان من سوء فعلنا ... من الصد والإعراض عن خير حالك

وتفضيل أمر قد جنيناه واضح ... شهير فأغنى عن إعادة ناظم

فأرسل جيشاً سابق الرعب أهله ... وقد أمهُ الفتح المبين لشائم

وقواده من كل أروع باسل ... سري كريم الأصل ماضي العزائم

ومذ نزلوا حلوان والسعد أمهم ... أقاموا حدود الله من كل ثالم

وقد حكوا في الناس شرع نبيهم ... وقد طهروا البلدان من كل آثم

وألقى إليهم أمره ابن خليفة ... وعض لأمر غره كف نادم

فأولاه غفراناً وصفحاً إمامنا ... وناصحه في أخذه للكرائم

وعم على كل الرعية أمنهُ ... وعاملهم بالرفق في كل لازم

فيا ملكاً دانت لدولته الورى ... وقيدت له غلب الأسود الضراغم

وطاع له عرب القبائل كلها ... وإنا لنرجو الله طوع الأعاجم

هنيئاً لك الملك الذي أنت أهله ... ومانعه من سوء باغ وظالم

أعز بك الله الحنيفي دينه ... وأنت لشمل الدين أحسن ناظم

فشكراً لمولى قد حباك بفضله ... وخولك الحسنى برغم الخياشم

فأول رعاياك الضعاف رعاية ... وكن مانعاً عنهم مريد المظالم

وكف أكف الظالمين وكن بنا ... رفيقاً تنل أجراً بيوم التخاصم

وكنت سعيداً ما هما ودق مزنة ... وإياك وفقنا لحسن الخواتم

وهاك إمام المسلمين خريدة ... أتت من محب للإخاء ملازم

قوافٍ بديعات المعاني يزينها ... أنيق بيان كالرياض البواسم

على صفحات الدهر يبقى ثناؤها ... عليك وأنت الكفؤ يا ابن الأكارم

دعاني إلى ما قلت فيك مودة ... وصدق ولاء جاء من فرع هاشم

وما أملي إلا قبول فريدتي ... وإتحافها بالسمع عن قصد رائم

شعر

فلست أخا شعر أريد تكسباً ... بشعري فأحوي فيه نقد الدراهم

ولا زلت يا عين الزمان موفقاً ... لأمرك منقاداً جميع العوالم

وعشت طويلاً في سرورٍ ونعمةٍ ... وعزٍ وإقبالٍ ونصرٍ مداوم

شعر

الشيخ أحمد بن مشرف هو الشيخ أحمد بن علي بن مشرف التميمي نسباً والأحسائي وطناً، المالكي مذهباً، والسلفي معتقداً. كان رحمه الله عالماً محدثاً فقيهاً ورعاً ناطقاً بالحق قوالاً بالصدق، لا يخاف لومة لائم. وكان قاضي الأحساء في مدة ولاية الإمام فيصل بن تركي السعود، وأول ولاية ابنه الإمام عبد الله رحمهما الله تعالى. وكان غاية في علم الأصول، وصنف نسخاً عديدة، ورسائل مفيدة، ورد على من خالف معتقد السلف ردوداً شافية نظماً ونثراً. وأما الشعر فقد أجاد في جميع فنونه وأتى فيه من الغزل الرائق، والمدح الفائق، والفخر والحماسة، بما يرتاح إلى سماعه ذوو الأذواق السليمة، والنفوس الكريمة. أذكر إن شاء الله منها جملة، تنبيك عن رسوخ قدمه في العلم والأدب، وبالله التوفيق. فمن ذلك ما مدح به الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله السعود منهضاً له على جهاد الأعراب المفسدين وذلك في سنة 1275 ألف ومائتين وخمس وسبعين وهي قوله:

أشمس تجلت من خلال السحائب ... أم البدر جلى حالكات الغياهب

أم انجابت الظلماء عن لمع بارق ... تلألأ من ثغرٍ لإحدى الكواعب

نعم أقبلت سلمى فأِرق وجهها ... بصبح جمال تحت ليل الذوائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015