فتاة تفق الغانيات بحسنها ... كما فاق بدر التم زهر الكواكب

فما للمعنى لا يهيم بذكرها ... وقد كان ذا جسم من الوجد شاحب

تناءت فزارت سحرة بعد هجعة ... وقد نام عنها كل واش مراقب

تنم برياها الصبا حين أقبلت ... تميس كغصن البان أو مثل شارب

فحيت بتسليم فأحسنت رده ... وقلت لها قول المحب المعاتب

صليت بنار الهجر أحشاء مولع ... فلم تطفها ماء العيون السواكب

فقالت ألم تعذر فكم حال بيننا ... من المهمه الزيزي وبعد السباسب

أنا في ربى نجد وأنت ببلدة ... أحاطت بها الأعداء من كل جانب

يغيرون في أطرافها وسروحها ... جهاراً ولا يخشون سوطاً لضارب

فكم قعدوا للمسلمين بمرصد ... وكم أفسدوا في سبلها بالنهائب

يقولون سيروا إن ظفرتم بنهبة ... على رسلكم لا تحذروا درك طالب

وان تسفكوا فيها الدماء فإنها ... لكم هدر لا تحذروا من معاقب

فياليت شعري هل سراة حماتها ... نيام فهم من بين لاه ولاعب

أم الحد منهم كل أم زندهم كبا ... أم القوم غروا بالأماني الكواذب

لقد كان تخشى بأسهم أسد الشرى ... فصارت بهم تعدو صغار الثعالب

وإن يحوط الملك إلا سميذع ... يخوض لظى الهيجاء ليس بهائب

له غيرة تحمي الرعايا كأنها ... حمية ضرغام جسور موائب

فلا دين إلا بالجهاد قوامه ... ولا أمن إلا بعد سل القواضب

ولا ملك حتى تخضب البيض بالدما ... من الهام في أطرافها والجوانب

فسر لإمام المسلمين وقل له ... بنفسك أو بلغه مع كل راكب

وانشده إن أحسست منه تثاقلاً ... "إذا لم يسالمك الزمان فحارب"

ولا تحقر الخصم الضعيف لضعفه ... فكم خرب الجرذي في سد مأرب

فقم واستعن بالله وانهض إلى العلى ... فكسب الثنا والأجر خير المكاسب

فكيف تنام العين منك على العدى ... وقد أوقدوا للحرب نار الحباحب

ولا ترض إلا مقعد العز مقعداً ... على ظهر مهر للعنان مجاذب

ولا تستطب ظلاً سوى ظل قسطل ... وظل القنا الخطي بين الكتائب

وشن على الأعراب غارات محنق ... وأنهلهم صاب الردى بالمصائب

ومزق جماعات الضلال وحزبه ... بريح سموم من لظى الحرب حاصب

وجر عليهم جحفلاً بعد جحفلٍ ... وضيق عليهم أرضهم بالمقانب

جيوشاً تريهم ظلمة الليل بالضحى ... ولمع المواضي كالنجوم الثواقب

إلى أن يكون الدين لله كله ... وينقاد للإسلام كل محارب

ومن كان معوجاً فقومه بالظبى ... إذا لم يفد بذل الحبا والمواهب

فبالبيض مع سمر القنا تدرك المنى ... وبالجود والإقدام نيل المطالب

بذلك تعطيك المعالي زمانها ... وتسمو على أعلى الذرى والمراتب

وان كره الناس الجهاد بداية ... فآثاره محمودة في العواقب

وإثماره نصر وأجر ومفخر ... وإن عميت عنه عيون الغياهب

فشمر بعزم للجهاد ولا تهن ... فتدعو إلى سلم العدو المجانب

فان أنت سالمت العدو مخافة ... فأيسر ما تلقاه بول الثعالب

ولازم تقى الرحمن واسأل نصرة ... يمددك من إسعافه العجائب

فإن التقى حصن حصين لأهله ... ودرع يقي من حادثات النوائب

ودونك نظم ينهض الشهم للعلى ... ويدعو إلى حسن الثنا والمناقب

بدا من أديب كالجمان قريضه ... طبيب زمان عارف بالتجارب

إذا قال قولاً أنشد الدهر شعره ... وغنى به أهل الحجا والمناصب

وصلى إله العالمين مسلماً ... على خاتم الرسل الكرام الأطايب

محمد الهادي إلى خير شرعة ... به شرفت ابنا لؤي بن غالب

كذا الآل والأصحاب ما اهتزت القنا ... وما انتدب الفرسان بين الكتائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015