والرسالة مقدار كراس، وكتبت أقسامها حين عرض لي قرامراد أفندي، قاضي الشام بالمدرسة الماردانية بالجسر الأبيض بالصالحية. فبعثت هذه الرسالة لأجل الدرس، عند الكلام على البسملة، لتكون مباحث البسملة فيما لا يتنبه إليه السابقون.
وفي يوم الجمعة، عشرين جمادى الأولى 1135، صلي على مولانا وشيخنا الملا عبد الرحيم الكابلي. كان رحمه الله، رحلة في العلوم العقلية والرياضية وعلوم النحو والمعاني والبيان والأصلين.
أخذ في بلاده عن الأجلاء، ودخل دمشق وأخذ بها عن أجلائها علوم الحديث، وكان أمةً ماهراً في علوم المنطق، ودخل دمشق سنة تسعين وألف، وحج سنة واحد، وثلاث وتسعين، وعاد إلى دمشق، وانتفع بالقراءة عليه خلق كثير من أهالي دمشق.
قرأت عليه حصةً من الفناري في المنطق، وشرح الشمسية مع مطالعة حاشية السيد الشريف إلى قريب آخرها، وعند الألواح من الشمسية المذكورة. وحضرت في شرح الدرر والغرر، ودرس التفسير في البيضاوي بمدرسة العذراوية بدمشق، وكان عرض له فيها سنةً، قرامراد أفندي، حين موت مدرسها أبي الصفا أفندي بن أيوب المفتي.
أخذ طريقة النقشبندية عن الشيخ المسلك فيها، الشيخ مراد اليزبكي، المستوطن بدمشق، وصلي عليه بجامع تنكيزخان، ودفن لصق الواقف في تربته مما يلي الشباك، وقبره ظاهر، رحمه الله، وعفا عنه، آمين.
يوم الاثنين ثالث عشرين جمادى الأولى، في السنة المذكورة، صلي على المولى الهمام، قدوة الأنام، محمد أفندي العمادي، ابن إبراهيم أفندي، ابن عبد الرحيم أفندي العمادي، مفتي دمشق الشام، وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بالباب الصغير.
علومه
أخذ المولى المذكور عن البرهان الفتال، وأخيه علي أفندي، المفتي سابقاً، قبل تاريخه، وتولى تدريس السليمانية بعد أخيه علي أفندي. وله شعر ونظم حسن، وكان بهي المنظر زايد الوقار والمهابة، له حلم ومودة وسخاء، حسن الملتقى، وله تؤدة في الكلام، ولم يكن أبهج منظراً منه، وله حسن مودة لمن قل أو جل.
وقلت مرثياً له بقولي من بحر الكامل وفيه الإضمار:
أسخى الزمان وجاد جوداً مكرها ... بمحمّدٍ حاوي المكارم والبها
وفي الأربعاء، ثاني صبيحته، في الخامس والعشرين، صعد إلى عند الشيخ عبد الغني للصالحية، جماعات من أعيان البلد وطلبوه للفتوى، وكانوا أعيان دمشق، كل واحد عرض لنفسه فيها خفيةً، ثم شاوروا الباشا على ذلك. وهيء من الباشا قباء فاقم، وأكرمه غاية الإكرام، وشرع يفتي بداره بالصالحية، وصار أمين الفتوى صهره الشيخ صادق أفندي.
وفي يوم الثاني والعشرين جمادى الآخرة، يوم الاثنين، أول الخلوة البردبكية، وحضر أكابر وأعيان، تقبل الله من الجميع.
وفي يوم الخميس، خامس عشرين جمادى الثاني، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان.
وفيه جاء تقرير لعثمان باشا، وأنه يكون على الحج الشريف. وفي نيته الركوب إلى نواحي البلاد، ويدور في البلاد، كما هي العادة.
رجب، أوله الأربعاء وقيل الثلاثاء. وفيه شاع بدمشق أن بشارة الفتوى وردت لخليل جلبي، ابن أسعد أفندي البكري، وهو من تلاميذ مولانا الشيخ عبد الغني أفندي، وهذا من العجب، والله أعلم بالحال الواقع في نفس الأمر، لكن هذا سمع، والعهدة على القايل.
وفي وسطه وردت الفتوى إليه والسليمانية معاً.
وفيه، يوم الخميس، ثامن عشر رجب، سافر صاحبنا الأخ عمر آغا الناشفي إلى مصر لمصلحة وقف خيربك.
وفي ليلة الخميس المذكور، صار هوى وريح كثيرة، وزلزلة، لكن خفيفة، وقيل إنها تكررت، وكان أولها بعد العشاء بنحو عشرين درجة، ووسط الليل وآخره. والله يلطف بالعباد.
وفي يوم الجمعة، وكان أيام الزهر، وهو يوم التاسع عشر، فيه كان هوى وبعض مطر ربيعي.
وبلغ أن الباشا نهب قرىً كثيرةً من بني نعيم، وأكثرهم أشراف بعلامات من أهل الطاعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولما ذهب الباشا، وكان بعد بشارة الفتوى للمذكور سابقاً، وصى له على قباء فرو فاقم. فلما وردت وزار الأعيان، ألبسه المتسلم القباء المذكور، وطلع من السرايا في غاية السرور. وهو ولي كل أمر.
سنة 1136
1 - 10 - 1723م