إلى خير صفر، فيه يوم الاثنين الثالث دخل الحج، ودخل المحمل يوم الثلاثاء.
وفي يوم الأربعاء، سابع عشر صفر، توفي الشيخ إبراهيم البيطار، ودفن بتربة مسجد النارنج.
وفيه رمى الباشا على محلة الشيخ محيي الدين سبعماية غرش، وانجمعت في أيام يسيرة. ثم رمى على محلة الشيخ عرودك مثلها لأمر وقع، فتحيل فيه، وكان منعها قاضي الشام، فلم يرجع عنها، ولموها له، وحصل للناس مشقة عظيمة، خصوصاً الفقراء.
وفي يوم الجمعة توفي إلى رحمة الله قاضي مكة المشرفة وصلي عليه بالأموي، ودفن عند بلال الحبشي رضي الله عنه. واسمه عبد الرحيم أفندي، وتولى تغسيله قاضي الشام مع من معه، عفي عنه، آمين.
وفي سادس عشر، وهو ربيع الأول، وأوله الأحد، دخلت الخزنة المصرية، وبلغ خبر أن مصر مفتونة، وقتل كم صنجق، وقتل إسماعيل باش الصناجق..
وفي آخر ربيع الأول هدمت مأذنة الدرويشية إلى حد باب الجامع لتضعضها، ومرادهم يسرعوا فيها أيام الصيف، لأن فرمان الهد كان زمن الشتاء.
وفيه بلغ خبر بأن القدس مفتونة.
وبلغ خبر، أن ابن عثمان جيش على محمود شاه الذي ظهر في نواحي العجم وأخذ ممالك بلاد الشاه. وقيل إن محمود شاه أخلى أصبهان وترحل منها، ولم يعمل قتال، لأن العسكر العثماني كثير جداً، يبلغ كرات وسبعين ألفاً، ما عدا الأعجمام، والله يصلح الأحوال.
وفيه دخل السيد يحيى بن السيد بركات، الذي كان سلطان مكة، وكان جيش عليه الشريف عبد الله بن الأشرم بعساكر من اليمن ومن ساير الجهات وقتل خلقاً كثيراً من جماعته، وأخرجه من مكة بمفرده، وذلك بعد الخروج بالحج من مكة. وجاء على طريق مصر على جهة الرملة وغزة، ونزل دار عمه، أبي زوجته، إبراهيم آغا الخالجي، وجلس ذاك مكانه بالسيف.
وفي هذا العهد، صار فتنة عظيمة في الخليل، وقتل خلق كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ربيع الثاني، أوله الخميس، فيه خرج أول بلك من بلكات الخزنة.
جمادى الأولى والثانية، لم يقع فيه ما يؤرخ.
رجب، وأوله السبت، السادس فيه، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وكان ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع بمنه وكرمه آمين.
وفي الشهر المزبور، أنشدني بعض الأصحاب، من كتابه لإبراهيم المقري الشاعر، قوله يمدح بعض وزراء عصره:
ورود زكايا الدمع يكفي الركابيا ... وشمّ تراب الرّبع يشفي التّرابيا
شعبان، أوله الثلاثاء، ورد حج من الروم، وورد قبجي من الروم، ونزل عند حسين آغا، ابن فروخ، والله يحسن الأحوال.
وفيه صار شوشرة وغوغاء من أهالي الصالحية وغيرهم، وسكرت البلد، وقام العوام على القاضي معين زاده، وكان عليهم ظلم كثير، ولم يكونوا فرغوا من المظلمة السابقة، وأرسل القاضي إعلاناً للمتسلم في رفعها، فأرسل بيردياً: لا تحطوا شيئاً، فهدت الفتنة، وفتحوا بعد ما سكروا، ولله كل أمر.
رمضان، أوله الأربعاء على رؤية الهلال، يوم الاثنين السادس، فيه ورد عثمان باشا أبو طوق من أسفاره في نواحي القدس وبلاد الشوف، وتسمى الدورة، فيها نفع للباشا، والله يلطف بالمسلمين.
ثم إن أهل الصالحية، وقع عليهم الوهم من زعم القاضي، وأكثرهم أرسل ما يخاف عليه للمدينة.
وسمع أن الروم أرسلوا قاضياً للشام قبل هذا وتوفي بسكنه ببلاد الروم، وأصله من حلب، من ذرية الأولياء والصالحين، فوجه لمعين زاده.
وفيه سافر معين زاده وحده آخر شوال، لدخوله الشام أول القعدة، وسافر معه مصطفى أفندي بن مستقيم أفندي، قاضي الشام سابقاً. فيوم دخول ابن مستقيم، اجتمع مع أخيه قاضي العسكر ومع والدته حم، وبعد ثلاث أيام توفي، عفي عنه، آمين.
وكان مصطفى أفندي، شاباً لطيفاً مليحاً ماهراً في الميقات والفلك وعلم الموسيقى والسياب، توطن بالصالحية مدةً مديدةً بمحلة الأمير المقدم الظاهري، وتولى نيابة القضاء بها وبغيرها، وكان لما سافر يقول: لا أُطول وأرجع، وأجتمع بأخي وأُمي وأعود:
وقايلٍ: عند أهلي لا أُطيل ... وأحنّ لشامٍ ما لمرآها مثيل
فكأنّما خطوته في روحه ... عمرٌ تقضّى ما لذاك بديل