وفي سابع الشهر، فيه صعد رجب باشا للصالحية، وزار ابن العربي قدس سره، وبعد الزيارة حضر درس الشيخ عبد الغني في الجامع، وجلس في جملة الصف الذي خلف المدرس، ثم بعد الفراغ قبل أيادي الشيخ وصافحه، ونزل من على الجسر الأبيض إلى موضعه بالميدان الأخضر.
وفيه يوم الخميس التاسع، فيه سافر رجب باشا إلى موضع كفالته، أعني إلى حلب وفي يوم الأحد سافر بعض الحجاج من دمشق.
وفي آخر صفر، كنا في مجلس لطيف، فيه كل شخص ظريف، فأنشدني بعض الحاضرين بمناسبة وقعت في سمررآق وطاب، وأتحف مجلسة رايق رقايق الخطاب، قول بعضهم:
أطيب الطيبات موت الأعادي ... وتخايلي على متون ضمر الجياد
ورسولٌ يأتي بوعد حبيبٍ ... وحبيبٌ يأتي بلا ميعاد
وفيه، سافر السقا باشي وبعض أكابر الحج.
وفيه سمع أن عثمان باشا كافل دمشق سنة اثنين وثلاثين وماية وألف، وجهت له كفالة دمشق، ومأمور بالسفر مع الحج الشريف، وهو الآن كافل صيدا.
وفيه شرفنا إلى دارنا بالصالحية، الكاينة بمحلة الأمير المقدم الظاهري، المولى الهمام عمدة الفخام، السيد مصطفى أفندي بن محمد أفندي البابي، قاضي الشام حالاً، وهو شاب تحلى بحلا الفضايل، وفاق بحسن شمائله أزهار الخمايل، وتزينت به صدور المحافل، وابتهجت به طروس أقلام الأنامل، أخلاقه الكريمة أشبهت نسمة السحر، وحسن شيمه فاق رونق الزهر والزهر، له في الفضل القدم الراسخ، وفي الإنشاء والخط ما فاق به كل كاتب وراسخ، بلغ في البراعة أجل مرتبةً، وسما في أوج البلاغة والفصاحة أعلى منقبة، تولى نيابة العربية، يعرف بالعربية والتركية، كان الله لناوله آمين.
مجلس أنس
ربيع الأول، أوله يوم الخميس فيه، كنا في مجلس أتحف بالأزهار مع جماعة من الأصحاب، فتذاكروا الصداقة الظاهرة والباطنة، والمحبة الصادقة والمودة الخالصة. فقال بعضهم وأنشدني:
سلوا عن مودّات الرجال قلوبكم ... فتلك شهودٌ لم تكن تقبل الرّشا
ولا تسألوا عنها العيون فربّما ... أشارت لشيءٍ ضدّ ما أضمر الحشا
وقال غيره: القلب أكبر شاهد على صدق المودة.
وقال آخر:
والعين تعرف من عيني محدّثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها
وذكروا في المحب والعدو قول بعضهم:
وعين الرضا عن كلّ عيبٍ كليلةٌ ... كما أنّ عين السّخط تبدي المساوئا
وفي الأحد، حادي عشر ربيع الأول، دخل متسلم عثمان باشا المذكور، وهو بعد لم يجئ.
وفي الأحد دخلت الخزنة المصرية، وهم إلى الآن لم يسافروا.
توفي شيخنا الفقيه الفرضي الحيسوب، تقي الدين بن الشيخ عمر الدومي التغلبي الحنبلي ولد رحمه الله في حدود الخمسين، وكان فقيهاً ماهراً في الفقه الحنبلي، ودرس بكرة النهار بالجامع نحو ستين سنة.
أخذ عن التقي الحنبلي المفتي، وعن الشمس بن بلبان الحنبلي الصالحي، والنجم العرضي، وأعاد درس الحديث بين العشائين بالجامع، على الشيخ أبي المواهب الحنبلي المفتي. وشرح دليل الطالب في الفقه للشيخ مرعي الحنبلي الكرمي ثم المصري، وأقرأه كثيراً، والمنتهى، وانتفع به خلق. وكان مفتي الفرايض هو وأبو المواهب الحنبلي وذلك في يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وماية وألف، ودفن بمرج الدحداح الغربية.
وفيه دخل عثمان باشا كافل دمشق، الشهير بأبي طوق، ولم يعمل موكباً، ودخل السرايا من نحو باب السريجة، وفي يوم الجمعة صلى بالجامع على جاري العادة. والله ولي كل أمر.
ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ.
جمادى الأولى، راسلت الأخ الأمجد محمد جلبي، ابن رحمة الله أفندي الأيوبي. وكنت طلبت منه رسالتي المشتملة على أنواع البديع في البسملة، وطلبتها من أجل تقريض شيخنا الحافظ الخليلي، وأبي الفداء إسماعيل أفندي الرومي البرصلي، ومخلصه حقي أفندي حين نزلا إلى دمشق.
وكانت نسختي المقرض عليها ضاعت، وكان في نسختها من نسختي، صورتا النصر، وتبت، فطلبت النسخة من عنده لأكتبها.