وفيه كملت عمارة القاعة بدارنا الكاينة بمحلة الأمير المقدم بالصالحية، وجاءت في غاية الحسن والنضارة، وكانت بأحسن ما يكون من الدهانات البديعة، والكتبيات المزخرفة، والكتابات البالغة، والطوانات المكلفة، والملاط المزخرف الملون، ببحرة مثمنة، وكأس لطيف، مع غزارة الماء، وفوارة الماء تحت، تجري كالسبيكة البيضاء. ونسأله السماح والإرباح، وتمام النعمة وحسن الختام.
وفي الأحد، الحادي والعشرين من ذي القعدة، باركنا لمولانا عبد الرحمن أفندي بالفتوى، وكان عنده الشيخ عثمان بن النحاس، من مدرسي الجامع، وأحمد أفندي بن سنان كاتب السليمانية، وبعض زعماء ودولة، ثم أُتي بالبخور والماورد بعد الشرابات والسكر، وذلك بداره شرقي الخضرا.
وفي يوم الاثنين، ثاني عشر من الشهر، توفيت زوجة سليمان الترجمان وأُعلم لها. وفي الرابع والعشرين توفيت زينب بنت شيخ الإسلام محمد بن بلبان وأُعلم لها، ودفنت بالسفح.
وفي آخره، سافر الشيخ إبراهيم بن حسين الأكرمي لبلاد الروم يوم الثلاثاء.
الحجة، في سابعه، السبت، صار فتنة بين الينكجرية ودولة القلعة، في بعضهم بعضاً.
وفي يوم الاثنين سادس الشهر من ذي الحجة، خرجت الجردة.
وفي يوم العشرين توجه الصهر الأعز الأمجد سليمان جلبي بن حمزة على مصر لمصلحة مع ابن عمه ابن حمزة، الماكث بها والمستوطن.
وفي يوم الواحد والعشرين، ضاف إلى عندنا وشرفنا المولى المهام، سليل الموالي الفخام، محمد أفندي قراباغي زاده الرومي، نائب الحكم العزيز بالمحكمة العربية، وهو شاب رقيق الطبع، ولا رقة الصبا، حلو المفاكهة ولا حلاوة المن مازجه الصهبا، روضه معطار، فضله باسم، وزهر مكارم خلقه الكريم متناسب متناظم. يكاد من لطفه يشبه نسيم السحر، وفي عذوبة منطقه فتنة قد علق في أسماعنا الدرر.
أخبر أنه انتظم في طريقة السلوى، ولا شك أنه رق وصفا، حتى أشبه التبر المسبوك. وأخبر أنه أخذ عن عيسى أفندي الرومي، ودأب في طلب العلم على فضلاء الروم، وتعلم محاسن المنطوق والمفهوم، ثم تولى القضاء، فورد مع قاضي الشام نائباً من نوابه، وجملةً من جمل أصحابه.
حفظ الله ذاته المأنوسة، وحرسه مما ينوب الطبع، مما يقتضي قطوبه وعبوسه.
23 - 11 - 1718م
وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية، وبعض العجمية، السلطان أحمد ابن السلطان محمد خان، والباشا بدمشق، رجب باشا، وقاشي الشام بعد بالروم، والنائب بالباب، نائب القاضي، من الروم، والمفتي ابن القاري، والمدرسون بحالهم، وكذا القضاة.
وفي يوم السبت الثامن عشر، فيه جاء نجاب من الحج الشريف وأنه بخير، وحسب له أن يكون في معان، وأنه يصل في سابع عشرين الشهر، ثم ضربت مدافع القلعة لفرحة الحج.
وفيه أخبرنا أن السيد يحيى، أمير الحج سابقاً، تولى السلطنة الحجازية، ووافقه رجب باشا، واختارته أشراف مكة لكبر سنه، وهربت أولاد الأفرم إلى نحو العراق.
وبلغ خبر، أنه صار فتنة ببلاد القدس عظيمة، وقتل أهلها من قبوقولها خلقاً كثيراً، وأنه صار بمصر فتنة عظيمة، كما صار بدمشق في ذي الحجة من دولة القلعة ودولة دمشق.
وفي السبت الرابع والعشرين من محرم، دخل المحمل والحج الشريف والباشا، ودخل معه المفتي العمادي والمدرسون وبعض الكتاب بالمحكمة، ونائب الباب.
صفر، فيه يوم الثلاثاء ثاني عشر الشهر توفي الشيخ المفنن العلامة علي التدمري الشافعي. وكان فقيهاً نحوياً صرفياً أصولياً فرضياً، وله رسالة في العروض، وكان فقيراً بميزر، ثم انتمى لبعض الكبراء متعيناً لتعليم أولاده، فأخذ له مكاناً وعين له تعييناً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير، ودرس بالجامع مدةً.
وفي الخميس الرابع عشر، خرج بقية الحاج من الصرة أميني والسقا باشي، وقاضي الشام ونوابه.
وفي الأربعاء التاسع عشر، فيه سكرت بعض حوانيت دمشق من جهة الفرمان السلطاني، والباشا مراده أن يلمها ولا يمسك الفرمان.
وفي الثلاثاء قلبه، دخل قاضي الشام أوليا زاده، ويسمى علي أفندي.
وفي يوم الواحد والعشرين، صلى رجب باشا في الجامع ومعه جماعات.