جمادى الثاني، وأوله الثلاثاء، يوم السبت الخامس منه، توفي الشيخ أبو بكر الشاب الطالب العلم ابن الشيخ أحمد الترابلسي أصلاً، الشامي مولداً ومنشئاً، الصالحي موطناً، الحنفي مذهباً. طلب طرفاً من العلم، وحصل بعض التفقه، وأم بجامع الخاتونية نيابةً عن بني الشويكي. وصلي عليه يوم السبت صلاة العصر، ودفن بقاسيون بروضة الموفق بن قدامة الحنبلي.
وفي يوم الجمعة، أضاف المفتي العمادي بعد الصلاة، جناب عبد الله باشا الكبرلي، باشة الشام، بعد أن صلى في الجامع الكبير.
وفي يوم السبت ثاني عشر، كنا نحن وجماعة من الأصحاب بحديقة حمزة، على حافة ثورا شرقي الماردانية.
وفي الأربعاء سادس الشهر قتل الباشا جماعةً من الينكجرية. وكان حبسهم في السرايا منذ أيام لأنهم كانوا قاموا على جماعته التركبدية في أمر من الأمور، وداروا على الأسواق على الناس ليسكروا، ثم لما سكنت الفتنة وقع التفتيش على هؤلاء فمسكوا، حتى أراد الباشا يعرض في الوجاق كله أنه يرفع.
وفيه ورد من القدس الشريف، الشيخ العلامة الحافظ المتفنن الشيخ محمد الخليلي الشافعي. ولاقا له جماعة من المشايخ والصالحين، ونزل بالكلاسة ومعه من المشايخ: السيد يحيى الدجاني الخلوتي، خليفة الشيخ الشهابي أحمد السالمي الخلوتي، تلميذ الوجيه أيوب الخلوتي، ومع كل جماعة. والسبب أن بالقدس ونواحيها بعض فتن وأحوال غير مرضية، ومعهم السيد ابن تمرتاش الرملي من ذرية صاحب التنوير.
وفي يوم السبت الخامس والعشرين، كنا مع جماعة من العلماء والأصحاب في سكن صاحبنا الأفضل الشيخ عثمان بن علي النحاس الشافعي، وذلك بجنينة البحرات لصيق عمارة الشيخ العارف العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي، بالسهم الأعلى شرقي العمرية، ودعي مولانا الشيخ عبد الغني. وكان من العلماء الشيخ إسماعيل العجلوني مدرس قبة النسر، والشيخ أحمد الدسوقي الشافعي، ومولانا الشيخ صادق أفندي الخراط، وجاء عدد من الأفاضل والطلبة، وكان أيام التوت والمشمش، وانصرف الناس العصر، والله تعالى ييسر كل خير.
وفيه في التاسع والعشرين، كان درس الفقه من كتاب النفقات وحضر معنا جماعة من الفضلاء، وذلك بمدرستنا بالمدرسة الخديجية المرشدية بالصالحية.
وفي يوم السبت ثانيه، بلغ أخبار وقعت وشاعت بدمشق، أنه في القدس أو نواحي نابلس، أن رجلين لكل واحد أرض ذات أشجار وفواكه، أصبح كل منهما يرى أرضه موضع أرض الآخر بأشجار وبيت، فدعي قاضي تلك البلاد، واستفتي في ذلك، فخرجت الفتوى بلزوم كل أرضه، أن العبرة بالمشاهدة ولو تغيرت الحدود، أخبر بذلك الشيخ محمد الخليلي الحافظ حين ورد لدمشق وذلك في جمادى الثاني.
وشاع عن بلدة قليب أنه صار زلزلة وعندها جبل على قربه، فوقع على بعض قراها، فهلك خلق كثير حتى لم يبد من الهدم إلا رؤوس المآذن فطمها.
وفي بلاد الأكراد تربة فيها قبر الشيخ محمود الكردي العلامة الخلوتي، وعنده عين ماء وشجرة زعرور فانتقلت إلى بعد عن موضعها، هي والشجرة والتربة، ولم يصبها شيء من ذلك الخسف، بل زحفت من مكانها مع العين والشجرة، وهذه كرامة للشيخ محمود. فهذه ثلاث عجايب.
وفيه دعينا إلى عقد تلميذنا الشاب الخالي العذار معتوق جلبي بن الشيخ عبد الجليل الأكرمي الصالحي، على ابنة عمه، بنت الشيخ محمد الأكرمي الصالحي وحضر أكابر وأعيان.
يوم الثلاثاء، ثاني عشر الشهر، كان ختان ولد صاحبنا إسماعيل آغا كتخدا الجاويشية، وبقي أياماً.
وفيه كان فرح الباشا على أولاده.
وفي السادس عشر منه، كنا مع جماعة من الأصحاب ببستان المروبص بالنيرب، عند صاحبنا محمد الحلبي الصالحي، مع السيد مصطفى والسيد عبد الرحيم وولدنا عيسى، وقلت في البستان المزبور:
لله بستاناً حللنا دوحه ... يسمى المروبص لفضّته نقا
أشجاره تحكي السّبايك عسجداً ... وكذا مروبصها أجاد ونمّقا