وفيه جاء خبر بأن دمشق الشام وجهت لعبد الله باشا الكبرلي، وعزل عن القدس، وأمير الحج إبراهيم باشا وجه له الكتاهية، وقيل إن السفر عمال، والله يصلح الحال.
صفر، وأوله الخميس، في يوم الاثنين الخامس منه، توفي الشيخ عمر بن علي الصالحي الشهير بابن السكري. كان مباركاً وينظم في الشعر، وله طلب وفيه سلامة صدر، قرأ في الفقه وطرفاً من النحو والعقايد ونظم شعراً كثيراً، وكان فقيراً، ولم ينقطع غير ثلاثة أيام، وصلي عليه في الخاتونية بالصالحية ودفن بالسفح.
وفي يوم الاثنين توفي السيد محمد آغا، ترجمان الباشا، وصار يذكر له ثروة. وتوصل إلى الحكام والقبجية وأبناء الروم، ثم رجعت له الترجمة في السرايا عند محمد باشا الترجمان الذي قبله، فأخذها وتولى السليمانية والسليمية، والحرمين مراراً، والجامع الكبير، وعليه قرى ومزارع، واشترى قصر أسعد أفندي بن رمضان بالجسر الأبيض. وكان له كرم وسخاء، وأوصى ببعض مبرات، وكلها تمت سامحه الله وعفا عنه، ثم صلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح.
في يوم الخميس الخامس عشر، فيه دخل عبد الله باشا الكبرلي إلى دمشق، وأوكب يوم الجمعة بالجامع.
وفيه شاع أن الخزنة باركة بعيون التجار، من كثرة الثلج والمطر، وراح أحمال وجمال ودواب، والله يحسن الحال.
تاسع عشرين، يوم الأربعاء، دخلت الخزنة المصرية.
ربيع الأول، يوم الثلاثاء خامس الشهر، نزل ثلج كثير، وفي يوم الخميس السابع من الشهر، نزل ثلج كثير، وتكرر إلى الثلاثاء.
وفي آخر الشهر، في الثامن والعشرين، يوم الجمعة، توفي بعد الصلاة الشيخ العلامة المفنن المدقق النحوي عز الدين الحنفي بالمدرسة السميساطية. وكان أصله من حمص وجاء لدمشق في صباه لطلب العلم، وخدم المدرسة السميساطية في ابتداء أمره، وشرع في طلب العلم واجتهد ودأب وحصل.
أخذ عن الشيخ إبراهيم بن منصور الفتال الحنفي، وقرأ على الملا الحصكفي، والتقي عمر الدومي الحنبلي، والشمس بن بلبان الصالحي، وأخذ عن يحيى الساوي نزيل دمشق، وأعاد على السيد محمد العجلاني في درس السليمية، وعلى إسماعيل أفندي ابن محاسن في درس الجوهرية، وأخذ عن القطان والنجم العرضي والشيخ عبد الباقي الحنبلي وولده الشيخ أبي المواهب الحنبلي. وأم بمحراب المقصورة مدةً عن بني محاسن، وأقرأ في النحو وفي غيره بالجامع الكبير، وترددت عليه الطلبة، وذهب إلى الروم، واتصل بالمدرسة اليونسية بعد شيخه الشيخ حمزه الرومي، وقررت عليه بالروم. وكان عليه وظائف بهذه المدرسة، ولم يتزوج قط، واستمر مدرساً بالمدرسة السميساطية إلى أن مات بها، وذلك في التاريخ المذكور، وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح عقب صلاة العصر، عفي عنه.
وفي يوم السبت آخر ربيع الأول، خرجت الخزنة المصرية. وفيه غيرت المعاملة.
ربيع الثاني، في اليوم الثاني منه، خرج الهنود والمغاربة المكتوبون للسفر للروم.
وفيه توفي الشريف وقاضي مكة في جمعة واحدة، كما اتفق موت الباشا والقاضي في جمعة واحدة بدمشق في هذه السنة وهذا الذي أخبر به السيد البرزنجي المتوجه من المدينة إلى الروم لبعض مصالح، وجاء مع العرب بالمنزل من طريق الحج.
في يوم السبت التاسع من شهر ربيع الثاني، كنا مع جماعة من الأصحاب، على حافة بانياس، في الجنينة، لصيق التكية السليمانية، وكان أيام الزهر، أول الربيع وكان بالجنينة المذكورة مروج حسنة وأزهار بديعة ذات ألوان طيبة النشر، واضحة البشر.
جمادى الأولى، يوم الخميس التاسع منه، كان أول فرح القاضي إلى تمام الأسبوع، ودعا إليه جميع الناس.
وفي الثلاثاء الواحد والعشرين كانت خلوة بني أيوب بجامع مراد باشا.
وفي الشهر المزبور، ألغزت لبعض أفاضل دمشق من أصحابنا.