وفي يوم الاثنين، ثالث صفر الخير، توفي الشاب الكامل قاسم آغا ابن قاسم آغا متولي السنانية بالطاعون، وأُعلم له، وصلي عليه بالجامع الكبير عن ولد صغير، فأُقيم وكيل في التولية، يقال له السيد حسن، ولم يعلم لمن تتوجه، بل بني قاسم مشروطون في التولية بشرط الواقف.
وفي التاسع منه وهو الأحد، وصل الوفد عند العصر، ودخل يوم الاثنين المحمل والباشا بموكب عظيم، ونزل الباشا بالميدان الأخضر، وأخبروا أن الباشا سلب مقرر أكري بوز وحطه في القيد في قلعة تبوك وصب في قيده الرصاص، وكان كتخدا عنده في طريق الحج، قيل بلغه أنه يسبه وشتمه، وقيل إنه أراد أن يكتب لبعض عرب صبرا، وكانوا جعلوا له مالاً.
وفي قلعة معان خرج على الجردة زيدان أخو الدبيس، ونهب ما فيها وأراد الرجوع بعد ذلك على الحج، فبلغ كليب فركب هو وأميرها ابن القواس فكسروه. ولما دخل الباشا إلى معان كان عسكر الجردة راكباً على زيدان، فصبر الباشا حتى يجيء الخبر، وإذ بالبشاير وردت بالكسرة لزيدان، لأن الباشا بمجرد ما وصل أراد اللحوق بهم فصبروه إلى العشي، فعند العصر جاء الخبر بالنصرة على الجلالية، ورجعوا بالغنيمة، ولله الحمد.
ربيع الأول، وأوله الأحد، توفي مولانا القاضي محمد أفندي ابن الاسطواني، الباش كاتب بمحكمة الباب، ودفن بمقبرة الفراديس.
وفيه، ربيع الأول، الأربعاء رابع ربيع الأول، توفي بالمرض العام السيد سليمان خادم الشيخ رسلان بن سليمان القادري، ومدرس جامع السلطان سليم بالصالحية، وخطيب التكية السليمانية، عند الميدان الأخضر، وكان عليه وعظ بالسنانية نحو أربعين عثمانياً، وغير ذلك، بل قيل كان عليه ألف عثمانياً.
درس بعد العصر في الثلاثة أشهر عند محراب الشافعي مدةً ثم ترك، ودرس مدةً بين العشاءين في الحديث والرقائق مدةً ثم ترك ذلك، فوجه التدريس لمولانا الشيخ عبد الغني، والوعظ للفاضل البارع الشيخ عثمان بن الشمعة الشافعي، والخطابة وبقية الوظائف على ولده مولانا السيد أحمد.
وفي يوم الأربعاء أواسط شهر ربيع الأول، توفي الشاب الطالب العلم الشيخ محمد بن الحاج عبد المحسن الشهير بابن عويدات الصالحي الحنفي بالمرض العام، بالصالحية، وكان تولى كتابة الصكوك بالعونية، خدم الطلب مدةً، فقرأ طرفاً في النحو على الشيخ خالد، وشرح القطر إلا كراس، والقواعد الهشامية، في المنطق لحسام كافي، وحاشية البردعي عليه، وملا جلال وشرحه للقاضي، وحصة من شرحه الكبير للكلائي، وحصة من شرح الفنري للتمري الهندي إلى بحث الجنس، ورسالة ملا حنفي في آداب البحث، وفي شرح المختصر إلى حد الفصل والوصل، وكان يعرف العربية والتركية والفارسية، وله نظم، ومن نظمه قوله: شعره:
عليك بعلم المنطق البهج الذي ... به الإنسان إن قام أو دعا
يقلّد نحر النّاس عقداً منظّماً ... ويلبس للأفكار تاجاً مرصّعاً
وله:
النّحو يرضع للأذهان من لبنٍ ... لو شابها نور ذاك البدر لانكسفا
فكلّ من يرتوي من شربه أبداً ... من الأفاضل معدودٌ من الشّرفا
وأنشد في بعضهم له مواليا قوله:
ما حرّك العشق إلا قدّك الميّاس ... يا من ضيا ورد خدّه فاق على الماس
من عانقك يا مهفهف بعد ردّ الكاس ... حظي على عزّ ما نالو بنو العباس
وصلي عليه بعد العصر، ودفن بقاسيون في الروضة.
وفي ثاني عشرينه دخل جلبي يوسف باشا، باشة حلب، ونزل صدر الباز، وكان أميراً حليماً من خيار الناس، ومعه نحو الألف خيال وزعماء حلب، وذلك للركوب على جلالية العرب، وهو سردار على سبعة باشاوات، وبعده بثمانية أيام، ورد قرا بولاد العبد، ومعه نحو الخمسمائة.