كذلك نفس الأمر بالنسبة لسيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - فإن الله تعالى نفى عنه بعبارة خاصة به، عبارة جاءت له هو خصيصًا، قال: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]، وهذا طبيعي لأن كل الأنبياء لم يكونوا من المشركين، لكن هذه الآية لم تُذكر في غيره من الأنبياء، فالقرآن لم يذكر ذلك عن موسى أو عن عيسى أو سليمان أو داود أو يونس أو أيوب أو هارون أو صالح أو زكريا أو يحيى أو نوح أو أي نبي.
لم يقل هذا إلا عن إبراهيم فقط، لأنه ذكر أشياء وقصصًا ستجعل الناس يظنون أن إبراهيم كان في لحظة من اللحظات مشركًا، فأراد القرآن أن يقول بهذا اللفظ، (ولم يك) ونحن نعلم أن الفعل المضارع حين تدخل عليه لم، تحوله إلى أنه يفيد الماضي، فأقول مثلًا أنا لم أحضر، أحضر فعل مضارع، لكن لم أحضر تعني أنا لم أحضر من قبل، لم أر، يعني لم أر قط في الماضي، فحينما يقولى الله سبحانه وتعالى: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .. يعني ليست هناك لحظة واحدة سابقة على لحظة القول كان فيها إبراهيم مشركًا، حتى في واقعة الشمس والقمر والكوكب، لأنه قال: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} فلو كان إبراهيم مشركًا في هذه اللحظة لما صدق عليه "لم يك".