فالأدلة -وبصريح الآيات- تذكر أن يوسف قد استعصم، والمرأة شهدت بذلك، والنساء شهدن له بذلك، والجري إلى العزيز معناه ذلك، وكذلك شهادة قريبها، الذي قال: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)} [يوسف]، وسيدنا يوسف قال: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} [يوسف: 26]، وأنا كنت أفر منها، فالرجل قال: لا، ما دامت ملابسه قد مزقت من الخلف فإنها قد شقت ملابسه من الخلف، إذن حين يقول المولى تبارك وتعالى: "نصرف عنه السوء" أي هو الضرب حيث إنه كان يجري منها وهي تجذبه؛ لأنها أدركت أنه يريد أن يفر لوكب الملك، ولو كانت تشده وهو أمامها لتقبل عليه لتقبله لتمزق القميص من الأمام، إنما الدليل على أن السوء معناه الضرب والمشاجرة أن قميصه مُزق من الخلف؛ لأنه كان يجري نحو الملك.
إذن يوسف - عليه السلام - لم يُقبل على المرأة، ولم يوشك، ولم يفكر ولم يسترخِ ولم يستجب ولم يضعف، وإنما ظل قويًا مستعصمًا، {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23]، فاستعصم ورفض في كل لحظة، لولا أراجيف الإسرائيليين التي هم عليها، ولولا ضعف اللغة العربية وعدم فهمنا لها، لعلم الناس أن الهم بالضرب، والهم بالشجار كما ورد بالقرآن، فالآيات تقول ذلك، وأظن أن الأمر واضح.