نزعة التوجه إلى الله في قلوبهم، جاءت الآية الأخيرة في نفس السورة تقول: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} [المزَّمل] ..

فعلم الله أنه سيكون منكم مرضى وآخرون يجاهدون فلن يستطيعوا أن يجاهدوا في سبيل الله والمريض لن يستطيع، لذلك وضع الله عنهم قيام الليل ..

إن هذه الآيات بعضها كان قويًا ثم خُفف، وبعضها كان خفيفًا ثم اشتد، تحريم الخمر بدأ خفيفًا في التعامل معه ثم اشتدت الحرمة حتى قطعت العلاقة بين المسلم والخمر، والربا، وهكذا، وإنما في قيام الليل كان الحكم الأصلي شديدًا، قيام طويل، ثم خُفف، وفي الجهاد في سبيل الله كان شديدًا ثم خفف، إذن المعيار في {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] وفي {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101] أنه سبحانه يقول: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك]، وهذا الكلام يتعلق بالأحكام الشرعية المتصلة بالبشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015