إن الله -سبحانه- تعامل مع بني إسرائيل بهذه الصورة، قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا (160)} [النساء] أي بسبب ظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، طيبات كانت حلالًا عندهم حرمناها عليهم، فلما أحدث التغيير أثره في تأديبهم وفي تربيتهم وفي ردعهم، أو على الأقل في افتضاح انحرافهم، وأنهم لم يرتدعوا أرسل الله رسوله- صلى الله عليه وسلم - ومن مهامه أن يحل الطيبات مرة أخرى، وأن يحرم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال والقيود التي كانت عليهم، فهل كان الحل الأول خطأ؟ لا .. هل كان التحريم الطارئ خطأ؟ لا ..

هل كانت عودة الحل مرة ثالثة خطأ؟ لا .. إنما هذا ما كان مناسبًا .. فكان كل شيء يناسب مرحلته.

وأخيرًا فإنه لا يحق لنا أن نسأل لماذا نُسخت بعض الآيات لأن هذا ليس شأننا، إنه كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- ينزله كيف يشاء .. وإن كان بعض النسخ معناه تبديل الأحكام، لذلك قال: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} في قراءة .. أي نؤخرها، فأصبح هذا الحكم متعلقًا بهذا العصر ثم الحكم متعلقًا بالعصر الذي بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015