إن الذي شرع للبشر هو الذي خلقهم، ولذلك قال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: 14]، وقال في سورة الرحمن {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)} [الرحمن].
أولًا ثم قال {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} [الرحمن]، مع أن الترتيب الطبيعي أن الرحمن خلق الإنسان، ثم علمه القرآن .. إنما يقول: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} لأن القرآن هو الرسم الذي خُلق الإنسان طبقًا لأحكامه كالرسم الهندسي أو الرسم الإنشائي لعمارة، كأن ترسم العمارة، وتحدد الحديد، والخرسانة، والأعمدة، وغير ذلك، ثم تبني البناية على مقتضى الرسم الذي يكون مثل الكتالوج ..
أنا سأصنع سيارة يرسمها المهندس، ويضع المقاييس والأوزان والأطوال ثم تُصنع السيارة .. فالله يريد أن يقول: إنه علم القرآن، وعلى مقتضى علم القرآن خلق الإنسان .. فأصبح الإنسان لا يصلح حاله إلا على هذا النحو.
لذلك فإنه لا توجد علاقة واحدة على وجه الأرض كلها لا تنفصل .. لا توجد، نجد البنت تظل في بيت أبيها 16 أو 18 سنة أو غير ذلك ثم تنفصل عن أبيها وأمها، وتتزوج .. والإخوة يكونون مع بعضهم البعض في بيت واحد ثم يذهب كل واحد في طريقه ليبني أسرة خاصة به، وكذلك الشركاء في العمل.