بهم إلى نهاية الطريق، في حدود جهدهم البشري وطاقتهم البشرية، ويبلغ بهم أقصى ما تمكنهم طاقتهم وجهدهم من بلوغه.
وميزته الأساسية أنه لا يغفل لحظة، في أية خطة، وفي أية خطوة، عن طبيعة فطرة الإنسان، وحدود طاقته، وواقعه المادي أيضا. وأنه في الوقت ذاته يبلغ به - كما تحقق ذلك فعلا في بعض الفترات، وكما يمكن أن يتحقق دائما كلما بذلت محاولة جادة - ما لم يبلغه وما لا يبلغه أي منهج آخر من صنع البشر على الإطلاق.
ولكن الخطأ كله - كما تقدم - ينشأ من عدم الإدراك لطبيعة هذا الدين أو نسيانها ومن انتظار الخوارق التي لا ترتكن على الواقع البشري والتي تبدل فطرة الإنسان، وتنشئه نشأة أخرى، لا علاقة لها بفطرته وميوله واستعداده وطاقاته، وواقعه المادي كله! أليس هو من عند اللّه؟ أليس دينا من عند القوة القادرة التي لا يعجزها شيء؟ فلما ذا إذن يعمل فقط في حدود الطاقة البشرية؟ ولما ذا يحتاج إلى الجهد البشري ليعمل؟ ثم لماذا لا ينتصر دائما؟ ولا ينتصر أصحابه دائما؟ لماذا تغلب عليه ثقلة الطبع والشهوات والواقع المادي أحيانا؟ ولما ذا يغلب أهل الباطل على أصحابه وهم أهل الحق أحيانا؟
وكلها - كما نرى - أسئلة وشبهات تنبع من عدم إدراك الحقيقة الأولية البسيطة لطبيعة هذا الدين وطريقته أو نسيانها! إن اللّه قادر - طبعا - على تبديل فطرة الإنسان - عن طريق هذا الدين أو من غير طريقه - وكان قادرا على أن يخلقه منذ البدء بفطرة أخرى .. ولكنه شاء أن يخلق الإنسان بهذه الفطرة. وشاء أن يجعل لهذا الإنسان إرادة واستجابة. وشاء أن يجعل الهدى ثمرة للجهد والتلقي والاستجابة. وشاء أن تعمل فطرة الإنسان دائما، ولا تمحى، ولا تبدل، ولا تعطل. وشاء أن يتم تحقيق منهجه للحياة في حياة البشر عن طريق الجهد البشري، وفي حدود الطاقة البشرية. وشاء أن يبلغ «الإنسان» من هذا كله بقدر ما يبذل من الجهد في حدود ملابسات حياته الواقعة.
وليس لأحد من خلقه أن يسأله: لماذا شاء هذا؟ ما دام أن أحدا من خلقه ليس إلها! وليس لديه العلم، ولا إمكان العلم، بالنظام الكلي للكون، وبمقتضيات هذا النظام في طبيعة كل كائن في هذا الوجود، وبالحكمة المغيبة وراء خلق كل كائن بهذا «التصميم» الخاص! و «لما