«أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ، وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ» .. فالموت حتم في موعده المقدر. ولا علاقة له بالحرب والسلم. ولا علاقة له بحصانة المكان الذي يحتمي به الفرد أو قلة حصانته. ولا يؤخره أن يؤخر عنهم تكليف القتال إذن ولا هذا التكليف والتعرض للناس في الجهاد يعجله عن موعده .. هذا أمر وذاك أمر ولا علاقة بينهما .. إنما العلاقة هناك بين الموت والأجل. بين الموعد الذي قدره اللّه وحلول ذلك الموعد .. وليست هنالك علاقة أخرى .. ولا معنى إذن لتمني تأجيل القتال. ولا معنى إذن لخشية الناس في قتال أو في غير قتال! وبهذه اللمسة الثانية يعالج المنهج القرآني كل ما يهجس في الخاطر عن هذا الأمر وكل ما ينشئه التصور المضطرب من خوف ومن ذعر .. إنه ليس معنى هذا ألا يأخذ الإنسان حذره وحيطته وكل ما يدخل في طوقه من استعداد وأهبة ووقاية ..

فقد سبق أن أمرهم اللّه بأخذ الحذر. وفي مواضع أخرى أمرهم بالاحتياط في صلاة الخوف. وفي سور أخرى أمرهم باستكمال العدة والأهبة .. ولكن هذا كله شيء، وتعليق الموت والأجل به شيء آخر .. إن أخذ الحذر واستكمال العدة أمر يجب أن يطاع، وله حكمته الظاهرة والخفية، ووراءه تدبير اللّه .. وإن التصور الصحيح لحقيقة العلاقة بين الموت والأجل المضروب - رغم كل استعداد واحتياط - أمر آخر يجب أن يطاع وله حكمته الظاهرة والخفية، ووراءه تدبير اللّه ..

توازن واعتدال. وإلمام بجميع الأطراف. وتناسق بين جميع الأطراف ..

هذا هو الإسلام. وهذا هو منهج التربية الإسلامي، للأفراد والجماعات .. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015