الخلقية. فهذه صفة المسلم دائما. ولكنها تنهي الولاء الذي لا يكون في قلب المسلم إلا للّه ورسوله والذين آمنوا .. الوعي والمفاصلة اللذان لا بد منهما للمسلم في كل أرض وفي كل جيل.

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ .. بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ. وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ».بعضهم أولياء بعض .. إنها حقيقة لا علاقة لها بالزمن .. لأنها حقيقة نابعة من طبيعة الأشياء .. إنهم لن يكونوا أولياء للجماعة المسلمة في أي أرض ولا في أي تاريخ .. وقد مضت القرون تلو القرون ترسم مصداق هذه القولة الصادقة .. لقد ولي بعضهم بعضا في حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة في المدينة. وولي بعضهم بعضا في كل فجاج الأرض، على مدار التاريخ .. ولم تختل هذه القاعدة مرة واحدة ولم يقع في هذه الأرض إلا ما قرره القرآن الكريم، في صيغة الوصف الدائم، لا الحادث المفرد .. واختيار الجملة الاسمية على هذا النحو .. بعضهم أولياء بعض .. ليست مجرد تعبير! إنما هي اختيار مقصود للدلالة على الوصف الدائم الأصيل! ثم رتب على هذه الحقيقة الأساسية نتائجها .. فإنه إذا كان اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض فإنه لا يتولاهم إلا من هو منهم. والفرد الذي يتولاهم من الصف المسلم، يخلع نفسه من الصف ويخلع عن نفسه صفة هذا الصف «الإسلام» وينضم إلى الصف الآخر. لأن هذه هي النتيجة الطبيعية الواقعية: «وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ» .. وكان ظالما لنفسه ولدين اللّه وللجماعة المسلمة .. وبسبب من ظلمه هذا يدخله اللّه في زمرة اليهود والنصارى الذين أعطاهم ولاءه. ولا يهديه إلى الحق ولا يرده إلى الصف المسلم: «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» .. لقد كان هذا تحذيرا عنيفا للجماعة المسلمة في المدينة. ولكنه تحذير ليس مبالغا فيه. فهو عنيف. نعم ولكنه يمثل الحقيقة الواقعة. فما يمكن أن يمنح المسلم ولاءه لليهود والنصارى - وبعضهم أولياء بعض - ثم يبقى له إسلامه وإيمانه، وتبقى له عضويته في الصف المسلم، الذي يتولى اللّه ورسوله والذين آمنوا .. فهذا مفرق الطريق ..

وما يمكن أن يتميع حسم المسلم في المفاصلة الكاملة بينه وبين كل من ينهج غير منهج الإسلام وبينه وبين كل من يرفع راية غير راية الإسلام ثم يكون في وسعه بعد ذلك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015