الكتاب والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه مكفولي الحقوق، وبين الولاء الذي لا يكون إلا للّه ورسوله وللجماعة المسلمة. ناسين ما يقرره القرآن الكريم من أن أهل الكتاب .. بعضهم أولياء بعض في حرب الجماعة المسلمة .. وأن هذا شأن ثابت لهم، وأنهم ينقمون من المسلم إسلامه، وأنهم لن يرضوا عن المسلم إلا أن يترك دينه ويتبع دينهم. وأنهم مصرون على الحرب للإسلام وللجماعة المسلمة. وأنهم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر .. إلى آخر هذه التقريرات الحاسمة.
إن المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب، ولكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر والتحالف معهم.
وإن طريقه لتمكين دينه وتحقيق نظامه المتفرد لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب، ومهما أبدى لهم من السماحة والمودة فإن هذا لن يبلغ أن يرضوا له البقاء على دينه وتحقيق نظامه، ولن يكفهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه والكيد له ..
وسذاجة أية سذاجة وغفلة أية غفلة، أن نظن أن لنا وإياهم طريقا واحدا نسلكه للتمكين للدين! أمام الكفار والملحدين! فهم مع الكفار والملحدين، إذا كانت المعركة مع المسلمين!!!
وهذه الحقائق الواعية يغفل عنها السذج منا في هذا الزمان وفي كل زمان حين يفهمون أننا نستطيع أن نضع أيدينا في أيدي أهل الكتاب في الأرض للوقوف في وجه المادية والإلحاد - بوصفنا جميعا أهل دين! - ناسين تعليم القرآن كله وناسين تعليم التاريخ كله. فأهل الكتاب هؤلاء هم الذين كانوا يقولون للذين كفروا من المشركين: «هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا» .. وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين ألبوا المشركين على الجماعة المسلمة في المدينة، وكانوا لهم درعا وردءا. وأهل الكتاب هم الذين شنوا الحروب الصليبية خلال مائتي عام، وهم الذين ارتكبوا فظائع الأندلس، وهم الذين شردوا العرب المسلمين في فلسطين، وأحلوا اليهود محلهم، متعاونين في هذا مع الإلحاد والمادية! وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين يشردون المسلمين في كل مكان .. في الحبشة والصومال واريتريا والجزائر، ويتعاونون في هذا التشريد مع الإلحاد والمادية والوثنية، في يوغسلافيا والصين