آدم وبفعل الثغرات الطبيعية في النفس البشرية. تلك الثغرات التي ينفذ منها عدو اللّه وعدو الناس، كلما تراخوا عن الاستمساك بهدى اللّه، واتباعه وحده، وعدم اتباع غيره معه في كبيرة ولا صغيرة .. ولقد خلق اللّه الإنسان ومنحه قدرا من الاختيار - هو مناط الابتلاء - وبهذا القدر يملك أن يستمسك بهدى اللّه وحده فلا يكون لعدوه من سلطان عليه، كما يملك أن ينحرف - ولو قيد شعرة - عن هدى اللّه إلى تعاليم غيره فيجتاله الشيطان حتى يقذف به - بعد أشواط - إلى مثل تلك الجاهلية الكالحة التي انتهت إليها ذراري آدم - النبي المسلم - بعد تلك الأجيال التي لا يعلمها إلا اللّه.

وهذه الحقيقة .. حقيقة أن أول عقيدة عرفت في الأرض هي الإسلام القائم على توحيد الدينونة والربوبية والقوامة للّه وحده .. تقودنا إلى رفض كل ما يخبط فيه من يسمونهم «علماء الأديان المقارنة» وغيرهم من التطوريين الذين يتحدثون عن التوحيد بوصفه طورا متأخرا من أطوار العقيدة. سبقته أطوار شتى من التعدد والتثنية للآلهة. ومن تأليه القوى الطبيعية وتأليه الأرواح، وتأليه الشموس والكواكب .. إلى آخر ما تخبط فيه هذه «البحوث» التي تقوم ابتداء على منهج موجه بعوامل تاريخية ونفسية وسياسية معينة يهدف إلى تحطيم قاعدة الأديان السماوية والوحي الإلهي والرسالات من عند اللّه وإثبات أن الأديان من صنع البشر وأنها من ثم تطورت بتطور الفكر البشري على مدار الزمان! وينزلق بعض من يكتبون عن الإسلام مدافعين فيتابعون تلك النظريات التي يقررها الباحثون في تاريخ الأديان - وفق ذلك المنهج الموجه! - من حيث لا يشعرون! وبينما هم يدافعون عن الإسلام متحمسين يحطمون أصل الاعتقاد الإسلامي الذي يقرره القرآن الكريم في وضوح حاسم. حين يقرر أن آدم - عليه السلام - هبط إلى الأرض بعقيدة الإسلام. وأن نوحا - عليه السلام - واجه ذراري آدم الذين اجتالهم الشيطان عن الإسلام إلى الجاهلية الوثنية بذلك الإسلام نفسه .. القائم على التوحيد المطلق .. وأن الدورة تجددت بعد نوح فخرج الناس من الإسلام إلى الجاهلية وأن الرسل جميعا أرسلوا بعد ذلك بالإسلام .. القائم على التوحيد المطلق .. وأنه لم يكن قط تطور في العقيدة السماوية في أصل الاعتقاد - إنما كان الترقي والتركيب والتوسع في الشرائع المصاحبة للعقيدة الواحدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015