لا بد من وقفة أمام وصفه تعالى لهؤلاء القوم بقوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 99]
إنها لفتة ذات مغزى كبير .. إن سبيل اللّه هو الطريق المستقيم. وما عداه عوج غير مستقيم. وحين يصد الناس عن سبيل اللّه وحين يصد المؤمنون عن منهج اللّه، فإن الأمور كلها تفقد استقامتها، والموازين كلها تفقد سلامتها، ولا يكون في الأرض إلا العوج الذي لا يستقيم. إنه الفساد. فساد الفطرة بانحرافها. وفساد الحياة باعوجاجها .. وهذا الفساد هو حصيلة صد الناس عن سبيل اللّه، وصد المؤمنين عن منهج اللّه .. وهو فساد في التصور. وفساد في الضمير. وفساد في الخلق. وفساد في السلوك. وفساد في الروابط. وفساد في المعاملات. وفساد في كل ما بين الناس بعضهم وبعض من ارتباطات.
وما بينهم وبين الكون الذي يعيشون فيه من أواصر .. وإما أن يستقيم الناس على منهج اللّه فهي الاستقامة والصلاح والخير، وإما أن ينحرفوا عنه إلى أية وجهة فهو العوج والفساد والشر. وليس هنالك إلا هاتان الحالتان، تتعاوران حياة بني الإنسان: استقامة على منهج اللّه فهو الخير والصلاح، وانحراف عن هذا المنهج فهو الشر والفساد!