إسماعيل، وهو ظاهر قول أبي هريرة في الصحيحين في قصة هاجر «فتلك أمكم يا بني ماء السماء» يخاطب الأنصار؛ لأن جدهم عامرا والد عمرو كان يلقب بذلك، كما تقدم، أو أراد أبو هريرة رضي الله عنه العرب كلهم؛ لكثرة ملازمتهم الفلوات التي بها مواقع القطر، وهذا متمسّك من ذهب إلى أن جميع العرب من ولد إسماعيل عليه السلام.

قال ابن حبان في صحيحه: كل من كان من ولد إسماعيل يقال له «ابن ماء السماء» لأن إسماعيل ولد هاجر، وقد ربي بماء زمزم وهي من ماء السماء، ورجح عياض أن مراد أبي هريرة الأنصار خاصة، ونسبتهم إلى جدهم المعروف بماء السماء، انتهى. ودلالته على أن قبائل اليمن كلها من ولد إسماعيل ظاهرة.

قال الحافظ ابن حجر: وهو الذي يترجح في نقدي، وقد ذكر ابن عبد البر من طريق القعقاع بن أبي حدرد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «مرّ بناس من أسلم وخزاعة وهم يتناضلون فقال: ارموا بني إسماعيل» وأسلم وخزاعة قد تقدم نسبهما في قبائل اليمن التي جماع نسبتها قحطان، ومما يؤيد ذلك قول المنذر بن عمرو جد حسان بن ثابت الأنصاري:

ورثنا من البهلول عمرو بن عامر ... وحارثة الغطريف مجدا مؤثّلا

ماثر من آل ابن نبت بن مالك ... ونبت بن إسماعيل ما إن تحوّلا

وأول ذلك كله المخالفون بتأويلات بعيدة، بل الذي أميل إليه أن العرب كلهم من ولد إسماعيل صلوات الله وسلامه عليه، وإن لم يتم ذلك فالعرب الذين لهم الشرف بالتقديم في الكفاءة وغيرها شرعا هم بنو إسماعيل، ويدل له قول بعض أصحابنا في الإمامة: إذا لم يوجد قرشي مستجمع للشروط نصب كناني، فإن لم يكن فرجل من ولد إسماعيل صلوات الله وسلامه عليه، فإن تعذر انتقلنا إلى العجم، ولم يقولوا انتقلنا إلى بقية العرب، لكن في التتمة للمتولي: فإن لم يوجد من ولد إسماعيل عليه السلام يولّى جرهمي، وجرهم أصل العرب، فإن لم يوجد فرجل من ولد إسحاق عليه السلام، اه.

وهو مخالف لقول البغوي في التهذيب: فإن لم يوجد ولد إسماعيل فمن العجم، وأيضا فالمتولي جعل جرهما متأخرين عن ولد إسماعيل، وجعل لهم فضلا في الجملة على العجم، كذا قدم بعض العجم على بعض، وإسماعيل أبو العرب الذين شرف نسبهم بمشاركة نسبة أشرف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، وهو الأسّ في ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015