وعربي اللسان لا عبرة به، على أن في مستدرك الحاكم من حديث ابن عباس «أول من نطق بالعربية إسماعيل» لكن في الصحيح أن إسماعيل تعلم العربية من جرهم الذين نزلوا مع أمه.
قال ابن إسحاق: وكان جرهم وأخوه قطورا ابنا قحطان أول من تكلم بالعربية عند تبلبل الألسن.
قلت: وهو جار على رأي من يقول: إن العرب كلها ليست من ولد إسماعيل.
وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث علي بإسناد حسن قال: أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل؛ فبهذا القيد يجمع بين الخبر المتقدم وبين ما في الصحيح، فيكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان، لا الأولية المطلقة، فيكون بعد تعلم أصل العربية من جرهم ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة؛ فعلى تقدير تسليم أن العرب كلهم ليسوا من ولد إسماعيل فالمستحق للشرف إنما هو عربية إسماعيل، فيمتاز بنوه بما تقدم.
وقال ابن دريد في الوشاح: أول من نطق بالعربية يعرب بن قحطان، ثم إسماعيل، ونقل ابن هشام عن الشرقي أن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا حمير وجرهم، وكله جار على خلاف ما قدمناه من أن العرب كلها من ولد إسماعيل، والله أعلم.
وأم الأنصار في قول الكلبي: قيلة بنت عمرو بن جفنة، وقال ابن حزم: هي بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة بن عمرو مزيقياء، ويقال: بنت كاهل بن عذرة من قضاعة، وقضاعة من حمير عند الأكثر، واشتهرت الأنصار ببني قيلة ولهم يقول القائل:
بهاليل من أولاد قيلة، لم يجد ... عليهم خليط من مخالطة عتبا
مطاعيم في المقري، مطاعين في الوغى ... يرون عليهم فعل آبائهم نحبا
(?) وذكر رزين عن الشرقي عقب ما قدمناه عنه من أن الأنصار أصلهم الأوس والخزرج وهما من ولد ثعلبة بن عمرو، فقال: فولد لثعلبة بن عمرو بن حارثة الأوس والخزرج، وأمهما قيلة؛ فولد الأوس مالكا، ومن مالك قبائل الأوس كلها، فولد لمالك عمرو وعوف ومرة، ويقال لهم أوس الله، وهم الجعادرة، سموا بذلك لقصر فيهم.