بعد الدفعة، فهنا المسرح، والرواية الآن رواية الطبيب والمجنون ...
أنت يا س. ع. عم هذا المجنون. فإذا قال لك يا عم. قل له: أنا لست عمك ولكني أخو أبيك ... لننظر أيتنبه على الفرق بين الصيغتين أم لا؛ فإنه فرق عقلي دقيق تمتحن به العقول ...
تعال أيها المريض فإني أرجو أن يكون شفاؤك على يدي، وفي يدي هذه لمسة من لمسات المسيح، لأن "نابغة القرن العشرين" هو الآن طبيب القرن العشرين ...
اتقوا أن تغضبوه أو تخيفوه، وأقيموا له كل ما يحتاج إليه، وتحروا مسرته دائمًا، فإن إدخال بعض السرور إلى نفس المجنون هو إدخال بعض العقل إلى رأسه.
متى أنكرت يا س. ع عقل ابن أخيك وما كان السبب؟ وكيف غلب على عقله؟ وهل ا. ش هو خاله أو أخو أمه؟
لطف الله لك أيها المسكين. قل لي: أتتذكر أمس؟ أتتذكر غدًا؟ إن الأمس والغد ساقطان جميعا من حساب المجانين؛ ومن الرحمة بهم أن الدنيا تبدأ لهم كل يوم فقد استراحوا من ثلثي هموم الزمن في العقلاء، وهم لا يصلحون أن ينفعوا الناس كالعقلاء، غير أنهم صالحون أكثر من العقلاء للانتفاع بأنفسهم في الضحك والمرح والطرب، وهذا حسبهم من النعمة عليهم.
قل لي أيها المجنون: أتحس أن الدنيا تصنع لك نفسك، أم نفسك هي تصنع لك الدنيا؟ إن هذه مسألة يحلها كل مجنون على طريقته الخاصة به، فما هي طريقتك في حلها؟
ما لك لا تجيب أيها الأبله؟ "هذا من جهة ومن جهة" أعطوه قرشا لينطلق لسانه، وآتوا الطبيب أجره وافيا وهو لا يقل عن قرشين ...
ثم مال "النابغة" على مجنون المتن وساره بشيء. فقلنا ما أمر المال بسر؛ هذا قرش للمريض وهذان قرشان للطبيب.
فقال المجنون: "مما حفظناه" كفى بالسلامة داء.
قال "الطبيب": هذا مريض بنوع من الجنون اسمه "مما حفظناه" وهو جنون النسيان الذي يضع في مكان العقل كلمة ثابتة لا يتذكر المجنون إلا بها؛ ومن أعراضه جنون الشك فكل ما حول المريض مشكوك فيه، وقد يترامى إلى جنون اللمس، فلو لمسته بإصبعك توهمها عقربا فخاف من الإصبع تلمسه خوفه من العقرب تلدغه،