أيكون دين الجاهلية أجمع عليه: الأنبياء والمرسلون؟! ما أقبح الهوى! وما أظهر الجاهلية في كلام كاتب المفاهيم الخاسرة! إن الذي يكون يوم القيامة: أن الخلق يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم إلى ربهم في فصل القضاء بينهم وإراحتهم من الموقف، وهذا الطلب جار على المألوف الجائز من طلب الشفاعة من حي حاضر قادر بمعنى أن يدعو الله للطالب في حصول مقصوده، فالشفاعة معناها: طلب الدعاء من الحي الحاضر، وهذا بخلاف طلب الشفاعة من الميت، أو التقرب إليه بشيء من أنواع العبادة بقصد أن يشفع له كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} [يونس: 18] .
قال ص 55:
"وفي الفتاوى الكبرى: سئل شيخ الإسلام -رحمه الله: هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فأجاب: الحمد لله، أما التوسل بالإيمان به، ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه، وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك من ما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه، فهو مشروع باتفاق المسلمين [الفتاوى الكبرى ج1 ص 140] ... " اهـ.
أقول: جرى كاتب المفاهيم على هديه الذي رضيه لنفسه، وهو التحريف والتبديل، فبتر آخر كلام شيخ الإسلام؛ ليوهم أنه ساوى بين التوسل بدعائه وشفاعته صلى الله عليه وسلم حياً وميتاً. وهذا تحريف للمعنى من جنس ما مر من تحريفاته. قال الشيخ بعد قوله الذي نقله الكاتب: "وكان الصحابة -رضى الله عنهم- يتوسلون به في حياته، وتوسلوا بعد موته بالعباس عمه، كما كانوا يتوسلون به" اهـ. فهذا التفسير للإجمال السابق لابد من ذكره ونقله، وفيه أن التوسل به في حياته يكون بدعائه لمن طلب منه الدعاء، أوبابتدائه الدعاء لمن شاء من أصحابه. فهذا حق؛ لأن نبي الله حي