هذه مفاهيمنا (صفحة 217)

الثاني: استلزام ترك ما داوموا عليه، إذ الفرض أنهم داووا على خلاف هذه الآثار، فإدامة العمل على موافقة ما لم يداوموا عليه مخالفة لما داوموا عليه.

والثالث: أن ذلك ذريعة إلى اندارس أعلام ما داوموا عليه، واشتهار ما خالفه، إذ الاقتداء بالأفعال أبلغ من الاقتداء بالأقوال، فإذا وقع ذلك ممن يقتدى به كان أشد.

الحذر الحذر من مخالفة الأولين، فلوكان ثَمَّ فضل ما لكان الأولون أحق به، والله المستعان" انتهى كلام الشاطبي -رحمه الله-.

وأما القسم الثالث: وهو أن تكون المسألة غير معمول بها عندهم، فلا مراء في أن ما خرج عن عملهم كلهم بدعة وشر، إذا كان مما يتقرب به عامله إلى ربه، لا إن كان من العاديات فالأصل فيها الإباحة.

ولذا يقال لكل من عمل عملاً لم يكن على طريقة السلف وفهمهم لنصوص الكتاب والسنة: إنك مبطلٌ مبتدع، مُتَّبعٌ غير سبيل المؤمنين.

وقد يحسَّن المحدثات التي لم يتقرب بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أناسُ ينتسبون إلى العلم، في رغبات ونوازع مختلفة، وهو كله خطأ على الدين، واتباع لسبيل الملحدين، فإن هؤلاء الذين أدركوا هذه المدارك، وعبروا على هذه المسالك: إما أن يكونوا أدركوا من فهم الشريعة ما لم يفهمه الأولون، أو حادوا عن فهمها. وهذا الأخير هو الصواب.

إذ المتقدمون من السلف الصالح هم كانوا على الصراط المستقيم، ولم يفهموا من الأدلة المذكورة وما أشبهها إلا ما كانوا عليه، وهذه المحدثات لم تكن فيهم ولا عملوا بها1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015