مخالفتهم في ذلك، وأمثلة هذا أشهر وأكثر من أن تذكر في العقائد والعبادات.
وأما القسم الثاني: وهو أن يكون قد عمل بها بعضهم، وخالف آخرون، وهم أكثرهم، حيث آثر عامة الصحابة غير ما اختاره ذلك القليل، وعملوا بغير ما عمل، قال الشاطبي في " الموافقات في أصول الشريعة " (3/57) في وجوب اتباع أكثرهم: " فذلك الغير هو السنة المتبعة، والطريق السابلة، وأما ما لم يقع العمل عليه إلا قليلاً، فيجب التثبت فيه، وفي العمل على وفقه، والمثابرة على ما هو الأعم الأكثر، فإن إدامة الأولين للعمل على مخالفة هذا الأقل: إما أن يكون لمعنى شرعي، فلا بد أن يكون لمعنى شرعي تحروا العمل به، وإذا كان كذلك فقد صار العمل على وفق القليل كالمعارض للمعنى الذي تحروا، وموافقة ما داوموا عليه"1 انتهى.
ثم قال (3/70-71) : " وبسبب ذلك ينبغي للعامل أن يتحرى العمل على وفق الأولين، فلا يسامح نفسه في العمل بالقليل، إلا قليلاً، وعند الحاجة ومس الضرورة إن اقتضى معنى التخيير، ولم يخف نسخ العمل، أو عدم صحة في الدليل، أو احتمالاً لا ينهض به الدليل أن يكون حجة، أو ما أشبه ذلك، أما لو عمل بالقليل دائماً للزمه أمور:
أحدها: المخالفة للأولين في تركهم الدوام عليها، وفي مخالفة السلف الأولين ما فيها.