مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] ، فهذه وأشباهها، مباركة عامة يحصل بها النفع والخير، والنماء والزيادة.
ولعله يظهر أن البركة الخاصة اللازمة لذاتٍ -دون المكان والصفة -تكون متعدية يحصل التبرك بأعيانها لما فيها من البركة اللازمة الدائمة بالذات.
وأما البركة الخاصة بمكان العبادة كالمسجد الحرام والمسجد النبوي، فإن البركة لا تكون متعدية بأجزاء المسجد، فلا يتمسح بأعمدة المساجد ولا جدرانها بإجماع المسلمين، والمساجد مباركة، فعلم أن بركتها معناها زيادة ونماء في ما يحصله العابد من الخير، فالمسجد الحرام صلاة فيه بمئة ألف صلاةٍ فيما سواه، والمسجد النبوي بألف صلاة.
وهذا نحو بركة الرسل -صلوات الله عليهم- فإنها في أحد قسميها بركة اتباع عمل، فالمتبع لسنتهم المهتدي بهديهم يحصل له نماء وزيادة في ثواب عمله بسبب اتباعهم، فهذه معنى البركة الخاصة بقسميها، بخلاف المباركة العامة فإنها قد تحصل في وقتٍ دون وقت، أو في نوع دون نوع، فمما هو بَيَّن أنه ما كل ما جاء من السماء وخرج من الأرض يكون مباركاً دائماً، بل إعطاؤه البركة من الله متعلق بأمورٍ أخرى، إن وجدت أعطي البركة، وإن انتفت زالت البركة، فهي بركة عامة من حيث ظرفها، خاصة من حيث وقتها، غير لازمة للشيء، إذا تقرر هذا، فالبركة في مواردها من الكتاب والسنة قسمان:
الأول: بركة ذات، وأثرها أن يكون ما اتصل بتلك الذات مباركاً، وهذا النوع للأنبياء والمرسلين لا يشركهم فيه غيرهُم، حتى أكابر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي لا يشركونهم في هذه البركة.