هذه مفاهيمنا (صفحة 193)

فصل

وكثيراً ما يردد المفتونون بالقبور، الغالون في الصالحين في منع الحكم على فعلهم بالشرك أن هذه الأمة لا يقع فيها إشراك بالله، ورجوع إلى أديان من سبق من الأمم، فيحتجون بهذا مع احتجاجهم بمنع تكفير من تلفظ بلا إله إلا الله، ولم يعمل بما دلت عليه من إخلاص العبادة لله، وإفراده وحده بأنواع أفعال العباد كالمحبة والرجاء والخوف -خوف السر- والدعاء والاستغاثة والاستعانة والذبح والنذر ونحوها.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد قطع هذه الشبهة من القلوب، وبصر أمته بهذه المسألة فتركها وقد حذر وأنذر وأخبر، فحذر من سلوك مسلك اليهود والنصارى، وأخبر بأن أمته تحذو الأمم قبلها في ما عملته تلك الأمم من شرك وعصيان، فروى الشيخان البخاري ومسلم في " صحيحيهما " عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه -عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم "، قلنا: يا رسول الله! آليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " هذا لفظ البخاري (13/300) ، وأخرجه البخاري عن أبي هريرة.

قال ابن بطال في " شرح البخاري ": "أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور، والبدع، والأهواء، كما وقع للأمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من الناس" اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015