فالمنافقون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصلون معه، ويصومون ويزكون ويؤدون الشعائر الظاهرة ومع كل هذا هم في الدرك الأسفل من النار، تحت الكفار وشر منهم؛ لأنهم لم يخلصوا أعمالهم لله، ولم يقولوا كلمة التوحيد بإخلاص، بل ناقض إظهار الإسلام أعمالٌ كفرية كتولي المشركين، والاستهزاء بالمؤمنين، ونحوها من المكفرات التي دلت على عدم إخلاصهم، فكفروا مع نطقهم بالشهادتين، وفعلهم أركان الإسلام.
وهذا من أنفع البراهين الدالة على فساد قول من قال: إن من قال لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وقام بالشعائر إنه لا يتطرق إليه كفر مع قيامه بالأركان، وهم نظروا إلى الظواهر، والأس الأعظم والركن الوثيق الإخلاصُ لم يلتفتوا له.
وهذا الإخلاص هو مدلول كلمة التوحيد؛ ولذا سميت كلمة الإخلاص، فإن من قالها غير معتقدٍ ما دلت عليه من إخلاص العبادة لله فلا يسمى شاهداً بها؛ ولذا كان الركن الأعظم من أركان الدين شهادة أن لا إله إلا الله، لا قول لا إله إلا الله فقط.
فمن الخلق من يقولها بلسانه، ولكنه لا يشهد بها بقلبه، بمعنى: أنه لا يخلص ما دلت عليه، فهذا فقد من دينه الركن الأوثق وهو الإخلاص.