هذه مفاهيمنا (صفحة 164)

قال كاتب المفاهيم العجيبة:

" هذا الحديث يخطئ كثير من الناس في فهمه إذ يستدل به على أنه لا سؤال ولا استعانة مطلقاً من كل وجه وبأي طريق إلا بالله، ويجعل السؤال والاستعانة بغير الله من الشرك المخرج عن الملة".

أقول: إن من خَطَّأَ العلماء لا يؤبه لكلامه، فالحي الأولى له والأكمل تحقيقاً لتوحيده، أن لا يسأل أحداً شيئاً ولا يستعين بأحد مطلقاً إلا بالله، فهذه مرتبة الأنبياء والصديقين، ولذا قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فو الله ما قال لي: أفٍ قط، ولم يقل لشيء فعلته، لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ " وبهذا أوصى طائفة من أصحابه أبا بكر وأبا ذر وثوبان، فهذا من تحقيق كمال التوحيد.

وأما سؤال الميت الأشياء والاستعانة به، فهو منافٍ للتوحيد من أصله، إذ الميت لا يمكنه إعانة نفسه، فكيف يعين غيره؟! والميت لأن يعين نفسه أحرص وأشد رغبة، فهو عن الناس في شغل، وحدُّه وقصاراه نفسه لا غير.

وقد قال تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] يعني: سمع إجابة، والكاتب يماحل نفسه، ويلوي أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم لتوافق مذهبه، ولو كانت مخالفة لقول أهل العلم أجمعين.

ثم إن في تفسيره الحديث بما فسره به تنقصاً لابن عباس -رضي الله عنهما -وقع فيه من جراء اختلاق التفاسير والشروح، ومن خالف وقع.

ثم أراد أن يقوي نظرته المخالفة لأقوال أهل العلم بما ليس بدليل، فمما قال ص97:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015