سري، أفيقول فقيه: إن كان موحداً حمل قوله على: الشيطان عصى ربي، والحلاج أضله إلهي، أو رب الولي الفلاني مطلع سري؟ !
هذا ما لم تحم حوله أقوال فقيه، ولا خرَّجها مخرج، ولا اعتذر عنهم بذلك معتذر، ولو أجيز ذلك لسمعت الأقوال الكفرية الشركية صباح مساء من الفسقة والمنافقين، ولطعنوا جهاراً في الدين، ثم إذا أتت الأمور عند الحاكم أحال كل منهم على المجاز العقلي، وخَرَجَ من عهدة الشرك.
أفيقول بهذا حاكم؟ ! أم يتسيغه مفتٍ؟ ! أم يقول به طالب علم؟ ! أم يفوه به منتسب لأهل العلم؟ ! إن قبل هذا قابل فأبشر بعزةٍ لدين الزنادقة، وتولٍ لدين الموحدين، دين رب العالمين، ثم أبشر بكل شر.
أفيجوز بعد هذا أن يحتج محتج بالمجاز العقلي الحادث؟ ! فهذا مذهب المالكية في الردة لا يقبل المجاز العقلي، فمن ذلك ما قاله الدردير في " شرحه الصغير " (6/144) وما بعدها: " الردة: (كفر مسلم) متقرر إسلامه بالنطق بالشهادتين مختاراً، يكون:
(بصريح) من القول: كقوله أشرك بالله.
(أو قول يقتضيه) أي: يقتضي الكفر، كقوله: جسم كالأجسام.
(أو فعل يتضمنه) أي: يستلزمه لزوماً بيناً ".
ثم قال في حكم من سبّ نبياً (6/154) :
" (ولا يعذر) الساب (بجهل) ؛ لأنه لا يعذر أحد في الكفر بالجهل، (أو سَكْرٍ) حراماً (أو تهور) : أي كثرة الكلام بدون ضبط.
ولا يقبل منه سبق اللسان (أو غيظ) فلا يعذر إذا سب حال الغيظ بل يقتل إلخ (أو بقوله: أردت كذا) فلا يقبل منه ويقتل" اهـ.
فانظر إلى عدم الاعتداد بقوله: أردت كذا، وهو عين المجاز العقلي، الذي يزعمه الزاعمون.