الثاني: أن تكون الوسائل من الأعمال ونحوها مشروعة، لم تتبع فيها سبل المبتدعة، وإنما اتبع فيها السنة، وهذا حق.
والكاتب أجمل ليدخل الوسيلة المبتدعة في خللِ كلمات الحق، وقد بينا ما فيها، وما كان ينبغي له ذلك وهو يفسر آية من كتاب الله.
وفي الوسيلة قولان ذكرهما أهل التفسير، وقربهما ابن الجوزي في "زاد المسير" (2/348) قال:
"أحدهما: أنها القربة، قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد والفراء. وقال قتادة: تقربوا إليه بما يرضيه. قال أبو عبيدة: يقال: توسلت إليه، أي: تقرَّبتُ إليه، وأنشد:
إذا غفل الواشُونَ عُدْنا لِوصْلِنا
وعاد التَّصَافي بيننا وَالوَسَائلُ
الثاني: المحبة، يقول: تحببوا إلى الله. هذا قولُ ابن زيد" اهـ.
وفي أسئلة نافع بن الأزرق لابن عباس: أخبرني عن قوله تعالى: {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة 35] ، قال: الوسيلة الحاجة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت عنترة وهو يقول:
إنَّ الرجالَ لهم إليكِ وسيلةٌ
أن يأخذوكِ تكحَّلي وتخضَّبي
وفي المادة شواهد غير ما ذكر.
فالوسيلة: التقرب إلى الله بأنواع القرب والطاعات، وأعلاها: إخلاص الدين له، والتقرب إليه بمحبته، ومحبة رسوله، ومحبة دينه، ومحبة من شرع حبه، بهذا يجمع ما قاله السلف، وقولهم من اختلاف التنوع.
وتأمل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة 35] ، ففي تقديم الجار والمجرور "إليه" إفادة اختصاص