مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ» .. كما أنه - صلى الله عليه وسلم - يعفو عن كثير مما أخفوه أو حرفوه مما لم يرد به شرعه. فقد نسخ اللّه من أحكام الكتب والشرائع السابقة ما لم يعد له عمل في المجتمع الإنساني، مما كانت له وظيفة وقتية في المجتمعات الصغيرة الخاصة، التي بعث إليها الرسل من قبل ولفترة محدودة - في علم اللّه - من الزمان، قبل أن تجيء الرسالة الشاملة الدائمة، وتستقر - وقد أكملها اللّه وأتم بها نعمته ورضيها للناس دينا - فلم يعد فيها نسخ ولا تبديل ولا تعديل.
ويبين لهم طبيعة ما جاء به هذا الرسول، ووظيفته في الحياة البشرية، وما قدر اللّه من أثره في حياة الناس: «قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ. وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ، وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» .. وليس أدق ولا أصدق ولا أدل على طبيعة هذا الكتاب .. القرآن .. وعلى طبيعة هذا المنهج .. الإسلام .. من أنه «نور» .. إنها حقيقة يجدها المؤمن في قلبه وفي كيانه وفي حياته وفي رؤيته وتقديره للأشياء والأحداث والأشخاص .. يجدها بمجرد أن يجد حقيقة الإيمان في قلبه .. «نور» نور تشرق به كينونته فتشف وتخف وترف. ويشرق به كل شيء أمامه فيتضح ويتكشف ويستقيم. ثقلة الطين في كيانه، وظلمة التراب، وكثافة اللحم والدم، وعرامة الشهوة والنزوة .. كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى .. تخف الثقلة، وتشرق الظلمة، وترق الكثافة، وترف العرامة ..
واللبس والغبش في الرؤية، والتأرجح والتردد في الخطوة، والحيرة والشرود في الاتجاه والطريق البهيم الذي لا معالم فيه .. كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى .. يتضح الهدف ويستقيم الطريق إليه وتستقيم النفس على الطريق .. «نُورٌ. وَكِتابٌ مُبِينٌ» .. وصفان للشيء الواحد .. لهذا الذي جاء به الرسول الكريم .. «يَهْدِي بِهِ اللَّهُ - مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ - سُبُلَ السَّلامِ. وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ، وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ».لقد رضي اللّه الإسلام دينا .. وهو يهدي من يتبع رضوانه هذا ويرتضيه لنفسه كما رضيه اللّه له .. يهديه .. «سبل السلام» .. وما أدق هذا التعبير وأصدقه إنه «السلام» هو ما يسكبه هذا الدين في الحياة كلها .. سلام الفرد. وسلام الجماعة. وسلام العالم .. سلام الضمير، وسلام