العقل، وسلام الجوارح .. سلام البيت والأسرة، وسلام المجتمع والأمة، وسلام البشر والإنسانية .. السلام مع الحياة. والسلام مع الكون. والسلام مع اللّه رب الكون والحياة .. السلام الذي لا تجده البشرية - ولم تجده يوما - إلا في هذا الدين وإلا في منهجه ونظامه وشريعته، ومجتمعه الذي يقوم على عقيدته وشريعته.
حقا إن اللّه يهدي بهذا الدين الذي رضيه، من يتبع رضوان اللّه، «سبل السلام» .. سبل السلام كلها في هذه الجوانب جميعها .. ولا يدرك عمق هذه الحقيقة كما يدركها من ذاق سبل الحرب في الجاهليات القديمة أو الحديثة .. ولا يدرك عمق هذه الحقيقة كما يدركها من ذاق حرب القلق الناشئ من عقائد الجاهلية في أعماق الضمير. وحرب القلق الناشئ من شرائع الجاهلية وأنظمتها وتخبطها في أوضاع الحياة.
وقد كان المخاطبون بهذه الكلمات أول مرة يعرفون من تجربتهم في الجاهلية معنى هذا السلام. إذ كانوا يذوقونه مذاقا شخصيا ويلتذون هذا المذاق المريح ..
وما أحوجنا نحن الآن أن ندرك هذه الحقيقة والجاهلية من حولنا ومن بيننا تذيق البشرية الويلات .. من كل ألوان الحرب في الضمائر والمجتمعات قرونا بعد قرون! ما أحوجنا نحن الذين عشنا في هذا السلام فترة من تاريخنا ثم خرجنا من السلام إلى الحرب التي تحطم أرواحنا وقلوبنا، وتحطم أخلاقنا وسلوكنا، وتحطم مجتمعاتنا وشعوبنا .. بينما نملك الدخول في السلم التي منحها اللّه لنا حين نتبع رضوانه ونرضى لأنفسنا ما رضيه اللّه لنا! إننا نعاني من ويلات الجاهلية والإسلام منا قريب. ونعاني من حرب الجاهلية وسلام الإسلام في متناول أيدينا لو نشاء .. فأية صفقة خاسرة هذه التي نستبدل فيها الذي هو أدني بالذي هو خير؟ ونشتري فيها الضلالة بالهدى؟ ونؤثر فيها الحرب على السلام؟
إننا نملك إنقاذ البشرية من ويلات الجاهلية وحربها المشبوبة في شتى الصور والألوان. ولكننا لا نملك إنقاذ البشرية، قبل أن ننقذ نحن أنفسنا، وقبل أن نفيء إلى ظلال السلام، حين نفيء