والتسليم، ويعرفون أنهم صائرون إليه، فيطلبون مغفرته من التقصير: «وَقالُوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا، غُفْرانَكَ رَبَّنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ».
ويتجلى في هذه الكلمات أثر الإيمان باللّه وملائكته وكتبه ورسله. يتجلى في السمع والطاعة، السمع لكل ما جاءهم من عند اللّه، والطاعة لكل ما أمر به اللّه. فهو إفراد اللّه بالسيادة كما ذكرنا من قبل، والتلقي منه في كل أمر. فلا إسلام بلا طاعة لأمر اللّه، وإنفاذ لنهجه في الحياة. ولا إيمان حيث يعرض الناس عن أمر اللّه في الكبيرة والصغيرة من شؤون حياتهم أو حيث لا ينفذون شريعتة، أو حيث يتلقون تصوراتهم عن الخلق والسلوك والاجتماع والاقتصاد والسياسة من مصدر غير مصدره. فالإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
ومع السمع والطاعة .. الشعور بالتقصير والعجز عن توفية آلاء اللّه حق شكرها وفرائض اللّه حق أدائها.
والالتجاء إلى رحمة اللّه لتتدارك تقصيرهم وعجزهم بسماحتها: «غُفْرانَكَ رَبَّنا» .. ولكن طلب الغفران إنما يجيء بعد تقديم الاستسلام وإعلان السمع والطاعة ابتداء بلا عناد أو نكران ..
وإنما يعقبه كذلك اليقين بأن المصير إلى اللّه. المصير إليه في الدنيا والآخرة. المصير إليه في كل أمر وكل غد
بظهر الغيب واليوم لي وكم يخيب الظن في المقبل
ولست بالغافل حتى أرى جمال دنياي ولا أجتلي
سمعت في حلمي صوتا أصاب ما فتق النوم كمام الشباب
أفق فإن النوم صنو الردى واشرب فمثواك فراش التراب
سأنتحي الموت حثيث الورود ويمحي اسمي من سجل الوجود
هات اسقنيها يا منى خاطري فغاية الأيام طول الهجود
ويقول الجامعة بن داود في «العهد القديم»:باطل الأباطيل. الكل باطل. ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس؟ دور يمضي ودور يجيء. والأرض قائمة إلى