الأبد. الشمس تشرق والشمس تغرب، وتسرع إلى موضعها حيث تشرق. الريح تذهب إلى الجنوب، وتدور إلى الشمال. تذهب دائرة دورانا، وإلى مداراتها ترجع. كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن. إلى المكان الذي جرت منه الأنهار، إلى هناك تذهب راجعة. كل الكلام يقصر، ولا يستطيع الإنسان أن يخبر بالكل. العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلى من السمع. ما كان فهو يكون، والذي صنع فهو الذي يصنع. فليس تحت الشمس جديد. إن وجد شيء يقال له: انظر، هذا جديد، فهو منذ زمان كان في الدهور التي كانت قبلنا. ليس ذكر للأولين. والآخرون أيضا الذين سيكونون لا يكون لهم ذكر عند الذين يكونون بعدهم .. ».عمل. فلا ملجأ من اللّه إلا إليه ولا عاصم من قدره، ولا مرد لقضائه ولا نجوة من عقابه إلا برحمته وغفرانه: «وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ».وهذا القول يتضمن الإيمان باليوم الآخر - كما رأينا - والإيمان باليوم الآخر هو أحد مقتضيات الإيمان باللّه وفق التصور الإسلامي، الذي يقوم على أساس أن اللّه خلق الإنسان ليستخلفه في الأرض بعهد منه وشرط، يتناول كل صغيرة وكبيرة من نشاطه في هذه الأرض وأنه خلقه واستخلفه ليبتليه في حياته الدنيا، ثم ينال جزاءه بعد نهاية الابتلاء .. فاليوم الآخر والجزاء فيه حتمية من حتميات الإيمان وفق التصور الإسلامي .. وهذا الإيمان على هذا النحو هو الذي يكيف ضمير المسلم وسلوكه، وتقديره للقيم والنتائج في هذه العاجلة. فهو يمضي في طريق الطاعة، وتحقيق الخير، والقيام على الحق والاتجاه إلى البر سواء كانت ثمرة ذلك - في الأرض - راحة لم أم تعبا. كسبا له أم خسارة. نصرا له أم هزيمة. وجدانا له أو حرمانا. حياة له أو استشهادا. لأن جزاءه هناك في الدار الآخرة بعد نجاحه في الابتلاء، واجتيازه للامتحان .. لا يزحزحه عن الطاعة والحق والخير والبر أن تقف له الدنيا كلها بالمعارضة والأذى والشر والقتل .. فهو إنما يتعامل مع اللّه وينفذ عهده وشرطه وينتظر الجزاء هناك! إنها الوحدة الكبرى. طابع العقيدة الإسلامية. ترسمه هذه الآية القصيرة: الإيمان باللّه وملائكته. والإيمان بجميع كتبه ورسله، بلا تفريق بين الرسل، والسمع والطاعة، والإنابة إلى اللّه. واليقين بيوم الحساب.