وفي يوم الأربعاء تاسع عشره كان خلع الصالح حاجي بن شعبان وسلطنة الظاهر برقوق. جمع برقوق في هذا اليوم القضاة والمشايخ من أهل الحلّ والعقد وأمراء الدولة وأربابها عند الخزانة من الإسطبل من باب السلسلة، بعد أن بعث بطلب الخليفة إلى عنده، وأخذ في التكلّم معهم بأنّ الأمور ضاعت لصغر السلطان وقلّة حرمته فاتفقوا على سلطنته، وخلعوا الصالح وبعثوا إليه بمن قبضه وأدخله إلى الحريم موكّلا به، وأحضرت نمجاة الملك والدرقة.
وكانت سلطنة حاجي سنة ونصف سنة ونصف شهر ليس له من الأمر سوى الاسم خاصّة، والسلطان في الحقيقة هو برقوق وزالت بخلع هذا دولة الأتراك بمصر ودولة بني قلاون. وبحاجي هذا ختمت ملوك بني قلاون. فسبحان من لا يزول ملكه.
ولما تمّ خلع الصالح بويع برقوق بالسلطنة بعد الزوال، ولقّبه السراج البلقيني بالظاهر لكون ذلك كان في وقت الظهر، وكني بأبي سعيد. وركب بشعار السلطنة من الحرّاقة، وأمطرت السماء عند ركوبه، فتفاءل الناس بذلك.
ولما نزل بالقصر جلس على سرير الملك، وقام الكلّ ممّن حضر بين يديه، ونودي بسلطنته بالقاهرة، وكتب بها إلى البلاد الشامية وغيرها من أعمال المملكة.
وهو أول جركسيّ تسلطن وقام بدولة الجراكسة (?).
وفيه استقرّ أيتمش في الأتابكية.