وأخذ أمر يلبغا في الانحلال، وتسلّل عنه أصحابه شيئا فشيئا، وجرت أمور آلت إلى فراره ودخول داره (?).
[317]- وصعد السلطان إلى القلعة، وأحضر إليه يلبغا (?) في الحال هذا بعد أن صعد آنوك إلى القلعة إلى محلّ كان به قبل أخذه، وأحضر مع يلبغا لصاحبه طيبغا حاجب الحجّاب، فحبسا بالقلعة. فتخوّف مماليك يلبغا منه أن يفرج السلطان عنه فيستأصلهم، فصاروا جميعهم إلى الأعيان منهم، وهم: أسندمر، وآقبغا جلب، وقجماس، وما زالوا بهم حتى طلبوا من السلطان أن يمكّنهم منه، فأجابهم إلى ذلك، فأخرجوه من محبسه ومشوا به إلى قريب باب السلسلة، وقدّم له فرس ليركبه، وحين أراد الركوب وثب عليه قراتمر من مماليكه وضربه بسيف معه ألقى رأسه عن بدنه، وأخذته سيوف بقيّتهم حتى أتلفوا شلوه (?)، وحملوا رأسه إلى السلطان، وألقيت في مشعل نار بين يديه. ثم جمع بدنه ورأسه وغسّل بعد ذلك، ودفن بتربته من الصحراء.
وكان يلبغا هذا شهما، شجاعا، سيوسا، مدبّرا، عاقلا، محبّا في أهل العلم، مشاركا في كثير من المسائل، متعصّبا لمذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، زائدا عنه جدّا، وتحنّف في أيامه جماعة لعطائه لهم على ذلك. وكان كثير البذل والصدقات. وله نوادر تعدّ له إلى الآن.
وكانت عدّة مماليكه ثلاثة آلاف، وولّي منهم عدّة، المماليك والإمريّات، وكان من أضخم الأمراء الأتراك.
ويقال إنّ الوزير ابن (?) قروينة كان يحمل إليه في كل يوم ألفي دينار، وهذا من الغرائب.