وفي ربيع الآخر كانت ضيافة السلطان للأمراء لأجل نهاية ضرب الكرة، وكانت ضيافة حافلة، وعمل بالرمح بين يديه بعدها، ثم صنع العشاء أيضا في آخر النهار، ونزل الأمراء إلى ديارهم بعد السماط (?).
[3108]- وفيه مات جانم الشريفيّ (?)، ناظر الجوالي، الأشرفيّ، أحد مقدّمي الألوف وقريب السلطان.
وهو شاب، كما (?) التحى. وكان جميل الصورة جدّا، حسن الهيئة والشكالة، وافر العقل، صيّر خاصكيا، ثم تأمّر عشرة عن قريب، ثم ولي نظر الجوالي، ثم شادّية الشراب خاناه، ثم تقدّم في أسرع وقت ونالته السعادة الطائلة، وزالت في الحال سريعا.
تمرّض في أواخر الشهر الماضي عقيب تلك الضيافة التي تقدّم الكلام عليها بمرض حادّ، وتورّمت قدماه ويداه، فحمل في محفّة إلى بولاق ومات، وبلغ السلطان ذلك، فأظهر التأسّف عليه والحزن، واهتمّ لتجهيزه، وبعث بإحضاره إلى داره، فأحضر في محفّة والأمراء والأعيان مشاة بين يدي المحفّة، وجهّز بداره، وأحضر إلى سبيل المؤمني. ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه، وحمل إلى تربته فدفن بها، وأقام الأتابك أزبك والدوادار يشبك هناك لعمل المأتم، وحضر جماعة من الأعيان، وزاد القال والقيل بالقاهرة في أمر موته. وأشيع بأنّ يشبك سمّه في يوم الضيافة، وأنه يعلم السلطان.
وزادت هذه الإشاعة / 296 أ / حتى بتربة السلطان، حتى صرّح البعض ليشبك بشيء مما يشبه هذا. وقام لإنسان من الإينالية آغا لبعض الطباق يقال له شاد بك فلكمه وتفاوض وإياه حتى دخل بينهما يشبك الجمالي، وطاحت عمامته، وركب يشبك من فوره مغضبا إلى جهة قبّة المطرية، وبها بات بعد أن كان قد عزم على نيابة بالتربة، ووقع قال وقيل كثير حتى بلغ السلطان، فركب إلى جهة مصر العتيق، ودام إلى آخر النهار، وعاد وترقّب الناس المكروه ووقوع فتنة كبيرة. وعاد يشبك إلى داره، وأقام رأس نوبة نقبائه وأعوانه، وأغلق بابه ولم يجتمع بأحد من خلق الله تعالى، حتى بعث السلطان