مصروف كبير لمن يخرج، فبعث إلى الخليفة والقضاة، وأمرهم بأن يجتمعوا عنده في غد يومه هذا، وأضمر أن يأخذ المال من الناس، وبلغ الناس ذلك، فانزعجوا وباتوا في ليلة نكدة. وكانت هذه من أشنع وأقبح الحوادث (?).

[انعقاد المجلس بالقلعة]

وفيه كان عقد المجلس الحافل العظيم بالقلعة بين يدي السلطان حضره الخليفة والقضاة الأربع (?) وجماعة من العلماء والمشايخ بالحوش، وكذا جميع الأمراء بالقاهرة وأرباب الدولة. وقام الزين بن مزهر كاتب السرّ مخاطب الخليفة ومن حضر على لسان السلطان بما معناه من كلام طويل أنه محتاج إلى المال لينفقه في عساكر تجهّزهم للعدوّ، وأنه ليس ببيت المال شيء، وأن كثيرا من الناس معهم زيادات في أرزاقهم ووظائفهم / 199 ب / وفي فائض أوقافهم، وأنّ السلطان قصده أخذ ذلك، فمال الخليفة ومن حضر إلى شيء من معناه الإجابة إلى ذلك.

وبينا هم في أثناء ذلك إذ بعث الله تعالى بشيخ الإسلام الأمين الأقصرائي الحنفي، وكان قد تأخّر عن حضوره، فلما جلس أعاد كاتب السرّ كلامه الأول، فأنكر الأمين ذلك المقال غاية الإنكار، وقال في الملأ العامر من ذلك المجلس لا يحلّ للسلطان أخذ مال من الناس إلاّ بوجه شرعي، وإذا نفد جميع ما في بيت المال ينظر إلى ما في أيدي أمراؤه (?) وجنده ممّا يحتاجون إليه في الحرب فيأخذ منه ما يحتاج إليه، وإذا لم يكف ولم يوف بالحاجة، ففي ذلك الحين ينظر في المهمّ إن كان من الضروريات في الدفع عن المسلمين حلّ ذلك بشرائط متعدّدة، وهذا هو دين الله. هذا محصّل ذلك المجلس، وملخّصه، فإنه كان قد طال جدا ووقع فيه اللغط الكثير، وقام أهل المجلس وقد انفضّ لا على طائل، وكثر دعاء الناس للأمين الأقصرائي في هذا اليوم، وعدّت هذه من نوادره.

ثم نودي من قبل السلطان بالعرض في يوم عيّن، ثم دخل السلطان إلى الدهيشة وهو مفكّر في أمر أخذ المال بوجه لا يشاع فيه بشاعة (?).

[فرار تمربغا من دمياط]

وبينا هو في ذلك الفكر إذ ورد عليه الخبر بفرار تمربغا من دمياط، وأنّ محمد بن عجلان، وعيسى بن سيف قصداه من بلادهما لما جاء هما يشبك الدوادار ليقاتلهما،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015