ذلك كالمحصور في تلك البلاد، وربّما يختشى عليه. فعيّن السلطان في الحال تجريدة عليها جماعة من المقدّمين وغيرهم، ثم كثر الهرج والمرج في هذا الشهر بجميع النواحي والبلاد، وزاد أذى العربان بسائر أقاليم الوجه القبلي والبحري شرقا وغربا.
وعيّن السلطان عدّة أمراء وجند إلى عدّة نواحي.
وقبل تمام ذلك وردت الأخبار فيما بعد بكسرة العساكر على يده شاه سوار فاشتغل السلطان عن ذلك بما دهمه، وأخذ في تلافي الأمور بأن قرّر في مشيخة عربان البحيرة صقر، وعزل خشقدم الزيني مع كاشف البحيرة، وولاّها لمحمد الصغير (?).
وفيه أخرج السلطان قرية منبابه (?) عن الخليفة، وكانت باسمه، من سلطنة المؤيّد أحمد بن الأشرف إينال فأقطعها باسم جانبك حبيب، وكان قد أخرج قبل ذلك عن الخليفة أيضا جزيرة الصابوني وأقطعها لبعض مماليكه، فشنّع القالة في حقّه وأعيب ذلك عليه (?).
وفيه وصل قانصوه الجلباني الحاجب الثاني بدمشق وعلى يده مكاتبة نائب الشام يخبر فيها بكائنة كسر العساكر / 199 أ / على يد شاه سوار بعد حرب عظيم ومقتلة هائلة حتى انهزم العسكر ودخل إلى حلب ونائب الشام وهو في أسوأ الحالات وبه عدّة جراحات، ودخل معه حلب نائبها ونائب طرابلس، ثم لم يعلموا حال من ورائهم (?) من الأتابك جانبك ومن معه من المصريّين.
وذكر أنّ الوقعة كانت في يوم الإثنين سابع ذي قعدة هذا، ووعد في مكاتبته بأنه إذا تحرّر عنده أمر الأتابك جانبك ومن معه بعث يعرّف به.
ثم بعد ذلك وردت الأخبار مفصّلة، وأن جانبك الأتابك قد أسره سوار، وانزعج السلطان بورود هذا الخبر، وماجت القاهرة بأهلها. وحار السلطان في أمره، وانغمر في بحر فكره. ثم أخذ في تدبير الأمراء الباقين بالقاهرة والجند في أن يتهيّئوا (?) للخروج. ثم أخذ يشكو من قلّة المال بالخزائن وعدم متحصّل الذخيرة، وتفكر في أنه لا بدّ من