وحضرت دروسه بجامع طرابلس، وكان بها في سنة 862 وما بعدها إلى أن خرجنا منها في سنة 865 أو قبلها بيسير» (?).
ومن شيوخه بطرابلس أيضا: محمد بن محمد بن سليمان الأوزاعي، الدمشقي، الصالحي، الطرابلسي، المعروف بالبابا. قال المؤلّف: «وكنت قد لازمته كثيرا في الفقه والتعبير، وأخذت عنه الكثير وانتفعت به فيها» (?).
والأرجح لدينا أنه أخذ على شيوخ آخرين بطرابلس أثناء إقامته فيها مع والده، ولكنّ المؤسف أنّ الفترة التي قضّاها في المدينة ضاعت من أصل مخطوطة «الروض الباسم»، فالجزء الأول لم يصلنا منه سوى حوادث ووفيات سنة 844 حتى سنة 850 هـ.
والجزء الثاني وصلنا منه حوادث ووفيات سنة 865 حتى سنة 868 هـ، فيكون قد سقط من الكتاب من سنة 851 إلى نهاية سنة 864 هـ. وهي تشتمل على السنوات التي عاشها بطرابلس (859 - 864 هـ)، كما ضاع إلى جانب ذلك ما كنّا نودّ معرفته عن وصف المؤلّف - رحمه الله - لطرابلس حين دخلها، أو أثناء الإقامة فيها كما فعل في رحلته إلى أختها طرابلس الغرب وبلاد المغرب العربيّ والأندلس. وكل الذي عرفناه من أخبار تلك الفترة أنه ولد له أخ بطرابلس الشام في سنة 863 هـ، اسمه إبراهيم وأمّه أمّ ولد اسمها «بلبل» وهي تركية، ولم يعش سوى تسع سنين، إذ مات بعد عودة أبيه من العراق إلى طرابلس في أواخر سنة 872 هـ. فصنع له تابوتا ودفنه في مدفنه الذي كان أعدّه لنفسه بطرابلس (?).
وفي شهر جمادى الآخرة من سنة 865 هـ، نراه مع والده بدمشق (?). ثم عادا معا إلى القاهرة بعد قليل فسكن والده بدار زوجته أصيل أخت يوسف الملك العزيز، فهرع إليه أصحابه للسلام عليه، فجاء البلقيني فدعا «خليل» ولده «عبد الباسط» لتقبيل أياديه ورؤيته، فساعة وقع نظر البلقيني عليه أجلّه وأعظمه، وأخذ والده يثني عليه ويصفه بالعلم والذكاء. ثم اصطحبه أبوه معه إلى مجلس قاضي القضاة الحنفية أحمد بن الديري بالمدرسة المؤيّدية، فسأله عن مسألة في الفرائض، فأجابه (?).
وفي 15 ربيع الأول سنة 866 هـ. خرج المؤلّف - رحمه الله - من القاهرة إلى بلاد الصعيد وبقي فيها نحو ثلاثة أشهر اشترى خلالها كتّانا برسم الإتجار به في بلاد المغرب، وأنفق في ثمنه نحو 800 دينار، وعاد إلى القاهرة، ومنها انتقل إلى الإسكندرية (?)، فصادف حلول عيد الفطر وهو بها، فحضر صلاة العيد في الجامع السعدي (?)، وركب