وكانت أيامه في هذه المدّة شديدة، جرت فيها الأهوال، وساءت الأحوال، وناهيك بالفناء العامّ الذي كان بها، والفتن والخراب، وقيام العربان، حتى اختلّ أمر المملكة، إلى غير ذلك من أشياء تطول.
لكنه كان هو في نفسه مفرط الذكاء، مع صغر سنّة، ضابطا للأمور، عارفا، عاقلا، شهما، حسن التصرّف، سديد الكنه (?). لم يجد ناصرا ولا مغيثا (?).
وفيه في يوم الإثنين ثامن عشرينه كانت مبايعة الملك الصالح صلاح الدين أبو (?) البقاء صالح بن الناصر محمد بن المنصور قلاون، أخو (?) حسن هذا بالسلطنة. وذلك أنّ الأمراء لما بعث السلطان إليهم بالنمجاة ودرقة الملك كما تقدّم، وجاءوه فقبضوا عليه، أصبحوا فاستدعوا صالحا هذا من الدّور مع وجود حسين، وعدلوا عنه اختشاء من عائلته. ثم بعثوا إلى الخليفة والقضاة والمشايخ، وسائر أهل الدولة وبايعوه بالسلطنة، ولقّبوه بالصالح، وأفيض عليه شعار السلطنة، وأركب فرس النوبة على العادة، وساروا به من باب الستارة إلى القصر، وهم مشاة بين يديه حتى أجلسوه على سرير الملك، وقام الكلّ بين يديه. وكان كلّ / 36 ب / من طاز، ومنكلي بغا آخذا بشكيمة فرسه، ثم حلفوا له على العادة، وتمّ أمره في السلطنة، واستبشر الناس بسلطنته تفاؤلا (?) باسمه ولقبه.
واتفق أن زاد النيل في يوم سلطنته ثلاثة أصابع بعد أن كان نقص شيئا، وزاد استبشارهم (?).