[وفاة السلطان برسباي]
[ومبايعة الملك العزيز بالسلطنة]
وفيه، في يوم السبت ثالث عشره آخر أيام التشريق كانت مبايعة العزيز بالملك وعقد السلطنة له، وذلك أنّ والده الأشرف توالت عليه نوب الصرع وتخلّت قواه، وأيس منه حتى مات في عصر هذا اليوم، فبادر عظيم دولته وكبير مملكته الزين عبد الباسط وقد صعد إلى القلعة، واجتمع بخواصّ الأشرف، وهم: إينال شادّ الشرابخاناه، وعلي باي، وتمر باي الدوادار، وقد اجتمع الكل بالقلعة، فبعث الشرف ابن (?) العجمي نائب كاتب السرّ في الحال بطلب الخليفة والقضاة وأهل الحلّ والعقد، وحضر الأتابك جقمق ومن حضر بالقاهرة من الأمراء وأهل الدولة، واستدعى بالمماليك من طباقهم والجند، فلما تكامل الجميع طلب وليّ العهد، فأخرجه الزمام من الحريم، وأجلس بباب الستارة، وأعلم الجميع بموت السلطان، فأخذوا في الترحّم عليه وقد تهيّأوا بقماش موكب السلطنة، وفوّض الخليفة السلطنة إلى العزيز يوسف وبايعه هو والأتابك ومن حضر، وتمّت البيعة، وقام السلطان فأفيض عليه شعار الملك بالخلعة الخليفتية، وقلّد بالسيف، وصار ملكا سلطانا، والباقي لغروب الشمس نحوا (?) من ساعة.
وكان عمر العزيز يوسف / 17 / أربع عشر (?) سنة وسبعة أشهر.
وأحضر له فرس النوبة فأركب من باب الستارة، وسار والكلّ مشاة في ركابه، والأتابك قد رفع القبّة والطائر على رأسه، وساروا حتى وصلوا إلى باب النصر، فأنزل السلطان به ودخل إليه وقد هيّء له سرير الملك فرفع إليه وأجلس عليه، ووقف الكل بين يديه، وقبّلوا له الأرض. وقرأ كاتب السرّ العهد بالسلطنة، فخلع عليه وعلى الأتابك والخليفة وخرجوا وقد جهّز السلطان الأشرف، وأحضرت جنازته من الدور إلى باب القلعة. وكان الذي تكفّل بأمر تجهيزه إينال الأحمدي الفقيه أحد الأشراف بوصيّة من الأشرف وإعطائه بعض مال ذكر أنه من وجه حل أمره، فصرفه على تجهيزه ودفنه. وتقدّم الحافظ ابن حجر قاضي القضاة، فصلّى إماما، ثم حملت الجنازة إلى التربة التي أنشأها